معنى: الصمد، وما تتضمنه عبارة: لا ‏إله إلا الله، وحده، لا شريك له، له ‏الملك...

0 439

السؤال

ما صحة هذا التفسير لعبارة: " لا ‏إله إلا الله، وحده، لا شريك له، له ‏الملك، وله الحمد، وهو على كل ‏شيء قدير"‏
لا إله إلا الله، وحده لا شريك له: ‏توحيد الألوهية.
له الملك، وله الحمد: توحيد الصفات. ‏
وهو على كل شيء قدير: توحيد ‏الربوبية. ‏
فتكون هذه العبارة قد احتوت على ‏جميع أنواع التوحيد.‏
وما صحة هذا التعريف لاسم الله ‏الصمد.‏
الصمد: هو القيوم الذي افتقرت ‏الخلائق لقيوميته، والغني الذي ‏استغنى عن جميع خلقه. ‏
وجزاكم الله خيرا. ‏
أسألكم الدعاء لي بالرزق الحلال.‏

الإجابــة

‏الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد:‏

 ‏ فنسأل الله أن يرزقنا وإياك من ‏الحلال، وأن يبارك لنا فيه.

وأما بخصوص سؤالك: فالفقرة ‏الأولى من الذكر دالة بجلاء على ‏توحيد الألوهية.

وأما الفقرة الثانية: فهي أظهر في ‏الدلالة على توحيد الربوبية؛ حيث ‏عرفه أهل العلم: بأنه إفراد الله ‏بأفعاله، أي أننا نعتقد أن الله منفرد ‏بالخلق، والملك، والتدبير. وإن كانت ‏أقسام التوحيد الثلاثة متلازمة. ‏وانظر الفتويين: 2495، 16146

وأما الفقرة الثالثة: ففيها إثبات صفة ‏القدرة، واسم القدير لله جل وعلا، ‏وهذا داخل في توحيد الأسماء ‏والصفات.

وعلى ذلك، فقد تضمنت هذه الفقرة شيئا من توحيد الأسماء ‏والصفات، إلا أنها لم تستوعبه.‏ وبذلك يتضح أن هذا الذكر له تعلق ‏بأنواع التوحيد الثلاثة.‏

وأما معنى اسم الصمد، فيقول فيه ‏شيخ الإسلام ابن تيمية: فيه للسلف ‏أقوال متعددة قد يظن أنها مختلفة؛ ‏وليس كذلك؛ بل كلها صواب. ‏والمشهور منها قولان:

أحدهما: أن الصمد هو الذي لا جوف ‏له.

 والثاني: أنه السيد الذي يصمد إليه ‏في الحوائج.

والأول: هو قول أكثر السلف من ‏الصحابة، والتابعين، وطائفة من أهل ‏اللغة.

والثاني: قول طائفة من ‏السلف، والخلف، وجمهور اللغويين، ‏والآثار المنقولة عن السلف ‏بأسانيدها في كتب التفسير المسندة، ‏وفي كتب السنة وغير ذلك... وقال قتادة: الصمد الباقي بعد خلقه. ‏وقال مجاهد، ومعمر: هو الدائم. وقد جعل الخطابي، وأبو الفرج ابن ‏الجوزي الأقوال فيه أربعة، هذين، ‏واللذين تقدما. وسنبين إن شاء الله ‏أن بقاءه ودوامه من تمام الصمدية ‏‏...."

وقال: لفظ الصمد فيه الجمع، ‏والجمع فيه القوة؛ فإن الشيء كلما ‏اجتمع بعضه إلى بعض، ولم يكن فيه ‏خلل كان أقوى مما إذا كان فيه خلو. ‏ولهذا يقال للمكان الغليظ المرتفع: ‏صمد؛ لقوته، وتماسكه، واجتماع ‏أجزائه، والرجل الصمد هو السيد ‏المصمود؛ أي المقصود. يقال: ‏قصدته، وقصدت له، وقصدت إليه، ‏وكذلك هو مصمود، ومصمود له، ‏وإليه، والناس إنما يقصدون في ‏حوائجهم من يقوم بها. وإنما يقوم ‏بها من يكون في نفسه مجتمعا قويا ‏ثابتا. اهـ.

 ويقول ابن القيم: فإن الصمد من ‏تصمد نحوه القلوب بالرغبة والرهبة، وذلك لكثرة خصال الخير فيه، ‏وكثرة الأوصاف الحميدة له؛ ولهذا ‏قال جمهور السلف، منهم عبد الله ‏بن عباس: الصمد: السيد الذي كمل ‏سؤدده، فهو العالم الذي كمل علمه، القادر الذي كملت قدرته، الحكيم ‏الذي كمل حكمه، الرحيم الذي كملت ‏رحمته، الجواد الذي كمل جوده، ‏ومن قال إنه الذي لا جوف له، فقوله: ‏لا يناقض هذا التفسير؛ فإن اللفظ ‏من الاجتماع، فهو الذي اجتمعت ‏فيه صفات الكمال، ولا جوف له، ‏فإنما لم يكن أحد كفوا له لما كان ‏صمدا كاملا في صمديته. اهـ.

‏ وعلى ذلك فالتعريف المذكور في ‏السؤال غير دقيق، وإن كانت ‏صمديته جل وعلا تستلزم كونه ‏قيوما وغنيا.‏

والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة