السؤال
لماذا سميت منزلة الصدق بالصديقية؟ وكيف نشأ اسم الصديقية؟ وهل لنا الوصول لتلك المنزلة؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصديقية منزلة عظيمة عند الله عز وجل، وهي التي تتلو منزلة النبوة مباشرة، وسميت بهذا الاسم لأنها تحمل كل معاني المبالغة في الصدق قولا وفعلا وسلوكا، لذلك اشتق لها هذا الاسم الذي يدل على المبالغة في الصدق، جاء في تفسير البغوي: والصديق المبالغ في الصدق. اهـ.
وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: والصديق فعيل، المبالغ في الصدق أو في التصديق. اهـ.
وفي تفسير الخازن: الصديق: الكثير الصدق، فعيل من الصدق بكل الدين، والصديقون هم أتباع الرسل الذين اتبعوهم على مناهجهم بعدهم حتى لحقوا بهم، وقيل الصديق هو الذي صدق بكل الدين حتى لا يخالطه فيه شك. اهـ.
وأول من أطلق عليه هذا الاسم من هذه الأمة سيدنا أبوبكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ عندما رد على المشركين المستنكرين خبر الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم قائلا: إن كان قاله فقد صدق، جاء في الدر المنثور للسيوطي: فلما سمع المشركون قوله أتوا أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ فقالوا: يا أبا بكر هل لك في صاحبك؟ يخبر أنه أتى في ليلته هذه مسيرة شهر ثم رجع من ليلته! فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن كان قاله فقد صدق، وإنا لنصدقنه فيما هو أبعد من هذا نصدقه على خبر السماء... ومن ذلك سمي أبو بكر الصديق. اهـ.
كما أطلقت هذه المرتبة في القرآن الكريم على مريم بنت عمران ـ عليها السلام ـ قال تعالى: ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام {المائدة:75}.
وتنال مرتبة الصديقية بكمال الإخلاص، والانقياد لله عز وجل مع الصدق في جميع الأقوال والأفعال والأحوال، جاء في التفسير القيم لابن القيم: فالصدق في الأقوال: استواء اللسان على الأقوال كاستواء السنبلة على ساقها، والصدق في الأعمال: استواء الأفعال على الأمر والمتابعة كاستواء الرأس على الجسد، والصدق في الأحوال: استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص واستفراغ الوسع وبذل الطاقة، فبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به: تكون صديقيته، ولذلك كان لأبي بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه: ذروة سنام الصديقية سمي الصديق على الإطلاق و الصديق أبلغ من الصدوق، والصدوق أبلغ من الصادق، فأعلى مراتب الصدق: مرتبة الصديقية وهي كمال الانقياد للرسول مع كمال الإخلاص للمرسل. اهـ.
وراجعي الفتوى رقم: 141751.
والله أعلم.