حكم من جامع زوجته قبل قضاء كفارة الظهار جهلا بالحكم

0 192

السؤال

كنت قد حلفت على زوجتي يمين ‏ظهار، وسقط. وكنت لا أعرف ‏حكمه، وباشرت حياتي بصورة ‏عادية. ومنذ فترة عرفت أنه يجب ‏علي صيام شهرين متتاليين، من قبل ‏أن أمسها. وبدأت فعلا في الصيام.‏
فسؤالي هنا:‏
‏1-ما حكم مباشرتي لها عن جهل؟
‏2-أنا مفرط في الشهوة؛ ولذلك كنت ‏قد باشرت زوجتي في إحدى الليالي ‏بمقدمات الجماع؛ مما أدى إلى ‏القذف، ولكن دون وطء.‏
‏ فهل ذلك حرام؟ وهل علي إعادة ‏الشهرين؟
بارك الله في مشايخنا، وجزاهم عنا ‏كل خير.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد: ‏
فأما مسك لزوجك قبل التكفير، جاهلا ‏بالحكم. فنرجو أن تكون معذورا بهذا ‏الجهل، وألا يلحقك إثم لذلك، ولا ‏يلزمك بهذا المس شيء زائد على ‏الكفارة؛ وانظر الفتوى رقم: ‏‏14225.‏
‏ وأما استمتاعك بزوجتك بمقدمات ‏الجماع، في أثناء الكفارة، فمحرم ‏عند الجمهور؛ لقوله تعالى: من قبل أن يتماسا {المجادلة:4}. وقيل لا يحرم غير ‏الجماع، والأحوط قول الجمهور.‏
‏ قال ابن قدامة: فأما التلذذ بما دون ‏الجماع، من القبلة، واللمس، ‏والمباشرة فيما دون الفرج، ففيه ‏روايتان: إحداهما يحرم. وهو اختيار ‏أبي بكر، وهو قول الزهري، ومالك، ‏والأوزاعي، وأبي عبيد، وأصحاب ‏الرأي. وروي ذلك عن النخعي، وهو ‏أحد قولي الشافعي؛ لأن ما حرم ‏الوطء من القول، حرم دواعيه، ‏كالطلاق، والإحرام.‏

والثانية، لا يحرم. قال أحمد: أرجو ‏أن لا يكون به بأس. وهو قول ‏الثوري، وإسحاق، وأبي حنيفة. ‏وحكي عن مالك. وهو القول الثاني ‏للشافعي؛ لأنه وطء يتعلق بتحريمه ‏مال، فلم يتجاوزه التحريم، كوطء ‏الحائض. انتهى. ‏
وإذا علمت هذا، فإن الواجب عليك ‏أن تمضي في كفارتك، وتستغفر الله ‏تعالى، ولا يلزمك استئناف الصوم ‏في قول كثير من أهل العلم.‏
‏ وقد اختلف العلماء فيمن وطئ في ‏أثناء تكفيره بالصوم هل ينقطع تتابع ‏صومه أو لا ينقطع؟ على قولين.

قال ‏ابن قدامة: وإن أصابها في ليالي ‏الصوم، أفسد ما مضى من صيامه، ‏وابتدأ الشهرين. وبهذا قال مالك، ‏والثوري، وأبو عبيد، وأصحاب ‏الرأي؛ لأن الله تعالى قال: {فصيام ‏شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا} ‏‏[المجادلة: 4]. فأمر بهما خاليين ‏عن وطء، ولم يأت بهما على ما ‏أمر، فلم يجزئه، كما لو وطئ نهارا، ‏ولأنه تحريم للوطء لا يختص النهار، ‏فاستوى فيه الليل والنهار ‏كالاعتكاف. وروى الأثرم عن أحمد، ‏أن التتابع لا ينقطع بهذا، ويبني. ‏وهو مذهب الشافعي، وأبي ثور، ‏وابن المنذر؛ لأنه وطء لا يبطل ‏الصوم، فلا يوجب الاستئناف، كوطء ‏غيرها، ولأن التتابع في الصيام ‏عبارة عن إتباع صوم يوم للذي ‏قبله، من غير فارق، وهذا متحقق، ‏وإن وطئ ليلا، وارتكاب النهي في ‏الوطء قبل إتمامه إذا لم يخل بالتتابع ‏المشترط، لا يمنع صحته وإجزاءه، ‏كما لو وطئ قبل الشهرين، أو وطئ ‏ليلة أول الشهرين وأصبح صائما، ‏والإتيان بالصيام قبل التماس في حق ‏هذا، لا سبيل إليه، سواء بنى، أو ‏استأنف. انتهى.‏
‏ فإن قلنا إن المباشرة كالوطء في ‏التحريم، فكذا في قطع التتابع.‏
‏ قال الموفق: وإن لمس المظاهر ‏منها، أو باشرها دون الفرج على ‏وجه يفطر به، قطع التتابع؛ لإخلاله ‏بموالاة الصيام. انتهى.‏
‏ والحاصل أنه على القول بجواز ‏المباشرة، فلا إشكال، وعلى قول ‏الجمهور بمنع المباشرة قبل التكفير، ‏ففي انقطاع التتابع إذا الخلاف ‏المذكور، ولا حرج عليك-إن شاء ‏الله-في العمل بقول من لا يشترط ‏استئناف الصوم، وأن تبني على ما ‏مضى من كفارتك، ولو احتطت ‏واستأنفت الصوم، فهو أحسن. ‏
والله أعلم.‏
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة