السؤال
هل من أصابه مس من الجن، وحاول التخلص منه دون جدوى، وما لحق بسبب المس من أذى، وتقصير في حق الله.
هل سيستوي في الحساب يوم القيامة، مع الشخص الصحيح الذي لم يبتل بمس من الجن، علما بأنه لم يختر أن يمس بجان، ولكنه فرض عليه فرضا، وعلم به مؤخرا بعدما لم يوفق في إتمام الزواج أكثر من مرة، وكثرة الوساوس في الصلاة، وكرهه لحضور مجالس الطاعة، وتعرضه للمعاصي وإن كان بدافع منه، فيشاركه فيه دافع المس أيضا الذي ساعده على هذا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا، ولك العافية، ولجميع المسلمين، واعلم أن المبتلى قد يعطيه الله تعالى من الأجر ما لم يعط لغيره، كما في الحديث: إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي، وابن ماجه.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قال: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت، ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.
وأما عن استواء المبتلى مع غيره في الحساب. فإن المبتلى قد تغفر جميع ذنوبه بسبب البلاء، وبذلك يخف حسابه إن حوسب، ففي الحديث: ما يزال البلاء بالمؤمن، والمؤمنة في نفسه، وولده، وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وفي الحديث: ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها، إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة. رواه مسلم.
قال النووي: في هذه الأحاديث بشارة عظيمة للمسلمين، فإنه قلما ينفك الواحد منهم ساعة من شيء من هذه الأمور. وفيه تكفير الخطايا بالأمراض، والأسقام، ومصائب الدنيا، وهمومها وإن قلت مشقتها. وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور، وزيادة الحسنات، وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء. اهـ.
وقال المناوي في فيض القدير: فما يبرح البلاء بالعبد: أي الإنسان، حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة: كناية عن سلامته من الذنوب، وخلاصه منها كأنه كان محبوسا فأطلق وخلي سبيله، فهو يمشي وما عليه بأس، ومن ظن أن شدة البلاء هوان بالعبد، فقد ذهب لبه، وعمي قلبه، فقد ابتلي من الأكابر ما لا يحصى. انتهى.
والله أعلم.