هل يستوي أهل البلاء وأهل العافية في الحساب يوم القيامة؟

0 250

السؤال

هل من أصابه مس من الجن، ‏وحاول التخلص منه دون جدوى، ‏وما لحق بسبب المس من أذى، ‏وتقصير في حق الله.
هل سيستوي ‏في الحساب يوم القيامة، مع ‏الشخص الصحيح الذي لم يبتل بمس ‏من الجن، علما بأنه لم يختر أن ‏يمس بجان، ولكنه فرض عليه ‏فرضا، وعلم به مؤخرا بعدما لم ‏يوفق في إتمام الزواج أكثر من مرة، ‏وكثرة الوساوس في الصلاة، وكرهه ‏لحضور مجالس الطاعة، وتعرضه ‏للمعاصي وإن كان بدافع منه، ‏فيشاركه فيه دافع المس أيضا الذي ‏ساعده على هذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لنا، ولك العافية، ولجميع ‏المسلمين، واعلم أن المبتلى قد ‏يعطيه الله تعالى من الأجر ما لم يعط ‏لغيره، كما في الحديث: إن عظم الجزاء من ‏عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ‏ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن ‏سخط فله السخط. رواه الترمذي، ‏وابن ماجه.
وفي الصحيحين من حديث ابن ‏عباس -رضي الله عنهما- أنه قال ‏لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل ‏الجنة؟ قال: بلى، قال: هذه المرأة ‏السوداء، أتت النبي صلى الله عليه ‏وسلم فقالت: إني أصرع، وإني ‏أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت ‏صبرت، ولك الجنة، وإن شئت ‏دعوت الله أن يعافيك، قالت: أصبر، ‏قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا ‏أتكشف، فدعا لها.
وأما عن استواء المبتلى مع غيره ‏في الحساب. فإن المبتلى قد تغفر ‏جميع ذنوبه بسبب البلاء، وبذلك ‏يخف حسابه إن حوسب، ففي ‏الحديث: ما يزال البلاء بالمؤمن، ‏والمؤمنة في نفسه، وولده، وماله، ‏حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. رواه ‏الترمذي، وصححه الألباني.‏
وفي الحديث: ما من مسلم يشاك ‏شوكة فما فوقها، إلا كتبت له بها ‏درجة، ومحيت عنه بها خطيئة. ‏رواه مسلم. ‏
قال النووي: في هذه الأحاديث ‏بشارة عظيمة للمسلمين، فإنه قلما ‏ينفك الواحد منهم ساعة من شيء ‏من هذه الأمور. وفيه تكفير الخطايا ‏بالأمراض، والأسقام، ومصائب ‏الدنيا، وهمومها وإن قلت مشقتها. ‏وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور، ‏وزيادة الحسنات، وهذا هو الصحيح ‏الذي عليه جماهير العلماء. اهـ.
وقال المناوي في فيض القدير: فما ‏يبرح البلاء بالعبد: أي الإنسان، حتى ‏يتركه يمشي على الأرض وما عليه ‏من خطيئة: كناية عن سلامته من ‏الذنوب، وخلاصه منها كأنه كان ‏محبوسا فأطلق وخلي سبيله، فهو ‏يمشي وما عليه بأس، ومن ظن أن ‏شدة البلاء هوان بالعبد، فقد ذهب ‏لبه، وعمي قلبه، فقد ابتلي من ‏الأكابر ما لا يحصى. انتهى.‏

والله أعلم.‏
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة