السؤال
أنا شاب مصاب بمرض الوسواس القهري، وقد أصبحت مصابا بوسواس الطلاق، وأنا على أبواب الزواج، ومن فرط ما أعانيه من الوسوسة كرهت الزواج، ومع أنني لا أتلفظ بألفاظ الطلاق الصريحة، فإنني أخاف من كناياته، فكلما أردت أن أقول كلمة ينتابني شعور بأنني أنوي بها الطلاق مع أن عقلي يرفض ذلك، ومما زاد البلاء أنني قرأت في الفتاوى عندكم أن المالكية يعتبرون كل كلمة تقال هي من كنايات الطلاق، لذلك أردت استشاركم في هذه المسألة، فما هو رأي جمهور العلماء في مسألة كنايات الطلاق؟ وهل يرجحون موقف الشافعية أو المالكية؟ وكيف أفرق بين النية الصحيحة التي يقع بها الطلاق من عدمه وبين الوسواس؟ وماذا أفعل حين أريد الكلام حيث تحدثني نفسي أن أنوي بكلامي الطلاق في كل كلمة أقولها مع أنني بعقلي أرفض تلك الأفكار وأحاول التخلص منها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن الطلاق لا يقع بالكناية من غير نية, وهذا مذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ والموسوس إذا تلفظ بالطلاق صريحا أو كناية، بغير اختيار ولكن بسبب الوسوسة لا ينفذ طلاقه، وإذا حصل شك في نية الطلاق لم يقع، لأن الأصل بقاء النكاح، قال المجد ابن تيمية رحمه الله: إذا شك في الطلاق أو في شرطه بني على يقين النكاح.
واعلم أن دواء الوساوس في الطلاق وغيره، الإعراض عنها جملة وتفصيلا، فاحذر من مجاراة الوساوس، وننصحك بالكف عن السؤال فيما يتعلق بالطلاق ونحوه مما لم يقع ولا حاجة لك إليه، فإن كثرة الأسئلة على هذا النحو تفتح باب الوساوس وتشوش فكرك، فأشغل نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، واعلم أن التكلف في السؤال أمر مذموم شرعا وفيه إضاعة لوقت السائل والمسئول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: .... ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه. متفق عليه.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ واصفا حال الصحابة رضي الله عنهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات والأغلوطات وعضل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه فأجابهم.
والله أعلم.