السؤال
أعرف شابا كنا أحيانا نذهب إلى المسجد, وكانت تبدو عليه مظاهر الالتزام, وإن ساعدته بشيء قال: جزاك الله خيرا, ولكنه كتب على الفيسبوك حديثا أنه ملحد, وأنه كان يبحث في الموضوع قرابة السبع سنين, وهو معلن لذلك, والظاهر: أنه متبحر في العلم, وأنا لست متبحرا فيه, وكتب ذات مرة ما يعني أنه أقنع خمسين شخصا، أو ربما أكثر، بأن الديانات باطلة, وهو يرى أن هذا كله من التفكير, فماذا أفعل أنا؟ وأنا شخص عادي، لست متبحرا في العلم, وأشعر بالأسف عليه, كما أخشى أن يضل بعض الناس, أرجو إرشادي. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقل نعمة من أعظم نعم الله على الإنسان، وكثيرا ما يرد ذكره في القرآن بأسماء مختلفة، قال تعالى: إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون {الرعد:4}، وقال: هدى وذكرى لأولي الألباب {غافر:54}، وقال: إن في ذلك لآيات لأولي النهى {طه:54}. والعقل السليم لا يقود صاحبه إلا إلى التفكير الصحيح، والذي بدوره يؤدي به إلى الهدى والحق.
ويبدو أن صاحبك هذا لجهله بدينه، وتعرضه للفتن وأسبابها، وقع فريسة لشياطين الإنس والجن، فإنهم حريصون على إغواء بني آدم، وإلقاء الشبهات في قلوبهم، وقد كان المشركون في الجاهلية يجادلون المسلمين ويقولون: ما ذبح الله بسكين من ذهب -يعني الميتة- فهو حرام، وما تذبحون أنتم بسكين فهو حلال، فنزلت: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون {الأنعام:121}. ومن العجيب أنه لم يكتف بضلاله في نفسه، بل عمل على إضلال غيره، ويفخر بذلك، وهو إن لم يتب ويبين لهم الحق فإنه سيحمل وزره وأوزارهم يوم القيامة، قال الله -عز جل-: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون {النحل:25}.
فإذا كنت قليل البضاعة في العلم الشرعي، فكن على حذر منه ليسلم لك دينك، وابحث عمن له قدم راسخة في العلم الشرعي ليحاوره، ويذكره بالله تعالى، ويرده إلى جادة الصواب، فإن تاب إلى الله وأناب فالحمد لله، وإلا فلا تأسف عليه، قال الله سبحانه: ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم {المائدة:41}.
والله أعلم.