السؤال
لدي مبلغ من المال وأريد توكيل البنك باستثماره بالنيابة عني، وذلك عن طريق "وديعة المرابحة" وطريقتها أن يقوم البنك بشراء سلعة معينة "سكر , حديد, خشب, رز" وذلك لمدة شهر وحتى سنتين، ويقوم ببيعها عني، والربح تقريبا معلوم لي من بداية دخولي في العقد, فهل هذا جائز؟ وهل علي زكاة أم على البنك أم ليس على المبلغ زكاة؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل مقصود السائل بوديعة المرابحة ما يسمى بالمرابحة العكسية، أو الاستثمار بالمرابحة، وصورة ذلك أن يسلم العميل إلى البنك مالا، ويوكله بشراء سلعة له، ثم يشتريها البنك من العميل نسيئة بأكثر من النقد، ليبيعها البنك لعميل آخر بربح، وإذا كان واقع المعاملة موضع سؤالك كذلك فقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي بتحريم هذه المعاملة، ونصه:
"الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته التاسعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من: 22ـ27/شوال/1428هـ الذي يوافقه: 3ـ8/نوفمبر/2007م قد نظر في موضوع: ( المنتج البديل عن الوديعة لأجل)، والذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر تحت أسماء عديدة، منها: المرابحة العكسية، والتورق العكسي أو مقلوب التورق، والاستثمار المباشر، والاستثمار بالمرابحة، ونحوها من الأسماء المحدثة أو التي يمكن إحداثها. والصورة الشائعة لهذا المنتج تقوم على ما يلي:
1ـ توكيل العميل (المودع) المصرف في شراء سلعة محددة، وتسليم العميل للمصرف الثمن حاضرا.
2ـ ثم شراء المصرف للسلعة من العميل بثمن مؤجل، وبهامش ربح يجري الاتفاق عليه.
وبعد الاستماع إلى البحوث والمناقشات المستفيضة حول هذا الموضوع، قرر المجلس عدم جواز هذه المعاملة؛ لما يلي:
1ـ أن هذه المعاملة مماثلة لمسألة العينة المحرمة شرعا، من جهة كون السلعة المبيعة ليست مقصودة لذاتها، فتأخذ حكمها، خصوصا أن المصرف يلتزم للعميل بشراء هذه السلعة منه.
2ـ أن هذه المعاملة تدخل في مفهوم (التورق المنظم) وقد سبق للمجمع أن قرر تحريم التورق المنظم بقراره الثاني في دورته السابعة عشرة، وما علل به منع التورق المصرفي من علل يوجد في هذه المعاملة.
3ـ أن هذه المعاملة تنافي الهدف من التمويل الإسلامي، القائم على ربط التمويل بالنشاط الحقيقي، بما يعزز النمو والرخاء الاقتصادي.
والمجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في رفع بلوى الربا عن الأمة الإسلامية، ويؤكد على أهمية التطبيق الصحيح للمعاملات المشروعة والابتعاد عن المعاملات المشبوهة أو الصورية التي تؤدي إلى الربا المحرم فإنه يوصي بما يلي:
1ـ أن تحرص المصارف والمؤسسات المالية علــى تجنب الربا بكافة صوره وأشكاله؛ امتثالا لقوله سبحانه : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين).
2ـ تأكيد دور المجامع الفقهية، والهيئات العلمية المستقلة، في ترشيد وتوجيه مسيرة المصارف الإسلامية؛ لتحقيق مقاصد وأهداف الاقتصادي الإسلامي.
3ـ إيجاد هيئة عليا في البنك المركزي في كل دولة إسلامية، مستقلة عن المصارف التجارية، تتكون من العلماء الشرعيين والخبراء الماليين؛ لتكون مرجعا للمصارف الإسلامية، والتأكد من أعمالها وفق الشريعة الإسلامية).
وأما زكاة الوديعة الاستثمارية فتجب فيها أصلا وربحا كل سنة بشروط الزكاة المعروفة، فيجب عليك زكاة هذه الوديعة على رأس الحول من يوم ملكت أصلها وهو نصاب، جاء في قرار مجمع الفقة الإسلامي في دورته 16: تجب الزكاة في أرصدة الحسابات الاستثمارية وفي أرباحها على أصحاب هذه الحسابات إذا تحققت فيها شروط الزكاة، سواء كانت طويلة الأجل أم قصيرة الأجل، ولو لم يقع السحب من أرصدتها بتقييد من جهة الاستثمار أو بتقييد من صاحب الحساب. انتهى.
والله أعلم.