السؤال
ما حكم من نذر نذرا لله ثم نسي ما نذر به -كأن يقول: لو حدث أمر ما سأصلي كذا, وسأصوم كذا, وسأتصدق بكذا, ثم نسي ما قال-؟
ما حكم من نذر نذرا لله ثم نسي ما نذر به -كأن يقول: لو حدث أمر ما سأصلي كذا, وسأصوم كذا, وسأتصدق بكذا, ثم نسي ما قال-؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب الوفاء بنذر الطاعة المعلق إن تحقق ما تعلق به؛ لما ثبت في الصحيح من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
وأما إن نسي ما علق عليه النذر، فلا يلزمه شيء؛ لعدم التأكد من حصول ما علق به نذره، والأصل: عدم لزوم العبادة إلا بتيقن حصول موجبها, ففي قواعد الأحكام في مصالح الأنام لعز الدين بن عبد السلام ما نصه: ومنها استصحاب الأصول، كمن لزمه طهارة، أو صلاة، أو زكاة، أو حج، أو عمرة، أو دين لآدمي, ثم شك في أداء ركن من أركانه، أو شرط من شرائطه, فإنه يلزمه القيام به، لأن الأصل بقاؤه في عهدته، ولو شك هل لزمه شيء من ذلك، أو لزمه دين في ذمته، أو عين في ذمته، أو شك في عتق أمته، أو طلاق زوجته، أو شك في نذر، أو شيء مما ذكرناه؟ فلا يلزمه شيء من ذلك، لأن الأصل براءة ذمته، فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. انتهى.
وبمثل هذا قال أهل العلم فيمن علق الطلاق علي أمر ثم نسيه أو عجز عن معرفته, فلا شيء عليه ما دام ناسيا له، لأن الطلاق لا يقع مع الشك، قال ابن قدامة: ... فلا يزول يقين النكاح بشك الطلاق. اهـ.
وقال المجد ابن تيمية -رحمه الله- في المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: إذا شك في الطلاق، أو في شرطه، بنى على يقين النكاح. اهـ
وقال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: ولا يلزم الطلاق لشك فيه، أو شك فيما علق عليه الطلاق. اهـ.
وقال المرداوي: لو شك في شرط الطلاق لم يلزمه مطلقا، على الصحيح من المذهب. اهـ.
وقال البهوتي -رحمه الله-:ومن له زوجتان؛ حفصة, وعمرة, وقال عن طائر: إن كان غرابا فحفصة طالق، وإن كان حماما فعمرة طالق، ومضى الطائر، وجهل جنسه, لم تطلق واحدة منهما ـ أي: حفصة, وعمرة ـ لاحتمال كونه ليس غرابا, ولا حماما، والأصل عدم الحنث، فلا يزول يقين النكاح بالشك. اهـ.
والله أعلم.