حكم المزاح الجنسي والتكلم بالكلمات ذات الإيحاءات الجنسية

0 703

السؤال

لو سمحتم في زمننا هذا كثرت الكلمات والعبارات البذيئة وذات الإيحاءات الجنسية في المجتمع كله، وبين الشباب، وفي وسائل الإعلام، فما حكم المزاح الجنسي الذي كثر بين الشباب؟ وأريد كلمات بليغة محكمة أنصح بها أقراني لينتهوا عن هذا الأمر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكلام الفاحش والبذيء مذموم بالجملة، جاء في التوضيح لشرح الجامع الصحيح: قال ابن بطال: والفحش والبذاء مذموم كله، وليس من أخلاق المؤمنين، وقد روى مالك، عن يحيى بن سعيد: أن عيسى ـ عليه السلام ـ لقي خنزيرا في طريق، فقال له: انفذ بسلام، فقيل له: تقول هذا للخنزير؟ فقال عيسى ابن مريم: إني أخاف أن أعود لساني المنطق السوء، فينبغي لمن ألهمه الله رشده أن يجتنبه ويعود لسانه طيب القول، ويقتدي في ذلك بالأنبياء، فهم الأسوة الحسنة. انتهى

وقد أحسن من قال:

عود لسـانك قول الخير تحظ به     إن اللسان لمـا عـودت معتاد

والمزاح الجنسي والكلمات البذيئة وذات الإيحاءات الجنسية أقل أحوالها الكراهة، وقد تصل إلى التحريم بحسب نية قائلها وما قد تؤدي إليه، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 234742، وما أحيل عليه فيها.
ولن يصلح منطق المرء إلا إذا أدرك أن كلامه من عمله، وأيقن أنه محاسب على كل قول يبدر منه، وتذكر أن الحياء شعبة من الإيمان، فحينئذ ينضبط لسانه، فلا يتكلم إلا بما يعود عليه بالخير.
قال الله عز وجل: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد {ق:18}، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بعد ما بين له عدة نصائح وتوجيهات تكون سببا في دخوله الجنة ومباعدته عن النار: ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ـ أو على مناخرهم ـ إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.

وروى الترمذي وأحمد عن أبي سعيد الخدري يرفعه ، قال: إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ، فتقول: اتق الله فينا ؛ فإنما نحن بك ، فإن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا. حسنه الألباني (تكفر اللسان: تتذلل وتتواضع له)

يقول الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في رياض الصالحين: اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء. اهـ.
ولما أدرك سلفنا الصالح خطورة اللسان، وما يصدر عنه من كلام احترزوا منه أشد الاحتراز.
ففي الموطأ عن أسلم أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه، فقال له عمر: مه غفر الله لك، فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد. صححه الألباني.

وعن علي قال: اللسان قوام البدن، فإذا استقام اللسان استقامت الجوارح، وإذا اضطرب اللسان لم تقم له جارحة.(كنز العمال نقلا عن ابن أبي الدنيا)
وقال ابن بريدة: رأيت ابن عباس رضي الله عنهما أخذ بلسانه وهو يقول: ويحك ، قل خيرا تغنم أو اسكت عن سوء تسلم وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا ابن عباس لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان ـ أراه قال ـ ليس على شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا يوم القيامة منه على لسانه، إلا من قال به خيرا أو أملي به خيرا.... وقال يونس بن عبيد ما رأيت أحدا لسانه منه على بال إلا رأيت ذلك صالحا في سائر عمله، وقال يحيى بن أبي كثير ما صلح منطق رجل إلا عرفت ذلك في سائر عمله ولا فسد منطق رجل قط إلا عرفت ذلك في سائر عمله (جامع العلوم والحكم)
وقال محمد ابن واسع ـ رحمه الله ـ: حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم. (الإحياء)
وفي المثل السائر: إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب ـ وهذا حق.
وقد سبقت منا عدة فتاوى حول اللسان وآفاته، ومنها الفتاوى التالية أرقامها: 202036، 175649، 6923، 96419، 252598، 66522، 182099، 100800، 35720، فراجعها وستجد فيها بغيتك إن شاء الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة