السؤال
هناك حديث: اللهم أعط كل منفق خلفا، وأعط كل ممسك تلفا، أحيانا أدخر بعض المال لشيء معين، لكن ينفق في شيء آخر غير الذى ادخرته له، مثلا أنفق مبلغا ماليا لشراء شيء لمنزلي للأسف ـ والحمد لله ـ على أتعاب محام في ظرف مفاجئ غير متوقع، هل معنى ذلك أني ممسك عن الإنفاق وفقا للحديث وأن المال يضيع في غير مكانه؟
أرجو الإفادة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسال الله أن يرزقنا وإياك الكرم، والجود بالنفقة، وما أصابك، لا يلزم أن يكون بدعاء الملك، وقد يكون ابتلاء من الله.
وأما الحديث، فهو في الأصل يشمل الباخل بما وجب عليه من زكاة أو نفقة، أو شديد البخل، الذي لا تطيب نفسه بإخراج شيء، وغالبا ما يؤديه ذلك إلى البخل بالواجب؛ جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: قال القرطبي: هو يعم الواجبات والمندوبات؛ لكن الممسك عند المندوبات لا يستحق هذا الدعاء؛ إلا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحق الذي عليه ولو أخرجه. انتهى.
وقال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح: والممسك يريد به: عن الواجبات دون المندوبات، فإنه قد لا يستحق هذا الدعاء، اللهم إلا أن يغلب عليه البخل بها وإن قلت في أنفسها كالحبة واللقمة، وما شابههما فقد يتناوله؛ لأنه إنما يكون كذلك لغلبة صفة البخل المذموم عليه، وقلما يكون ذلك إلا ويبخل بكثير من الواجبات؛ إذ لا تطيب نفسه بها. انتهى.
وعلى كل، فادخارك شيئا لحاجة لا يدخل في الحديث، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخر نفقة سنة؛ ففي صحيح مسلم عن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله، مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح، عدة في سبيل الله.
قال النووي: وقوله ينفق على أهله نفقة سنة أي يعزل لهم نفقة سنة، ولكنه كان ينفقه قبل انقضاء السنة في وجوه الخير فلا تتم عليه السنة. انتهى.
وقد يكون ما أصابك نوع ابتلاء من الله؛ قال تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون [البقرة: 155 - 157].
فإذا كان بلاء؛ فالواجب الصبر لله.
ومع هذا، فلا شك أن الإنفاق من أعظم ما يحفظ به المال، ويخلف الله على عبده، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 60478.
والله أعلم.