السؤال
ما حكم سكون الإمام أثناء انتقاله من ركن إلى آخر بمقدار من الزمن يزيد أو يساوي ما يكفي لقول تسبيحة كأن يسكن أثناء انتقاله حتى يضع مكبر الصوت على فمه ثم يقول الله أكبر، مع العلم أن هذا السكون يكون بين ركنين وليس ضمن أحد منهما، كأن ينتقل من الاعتدال قائما إلى السجود فيسكن وهو بين الركنين، ليس بقائم ولا بساجد؟.
وجزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذى فهمناه من السؤال هو أن المصلي يبدأ الانتقال من الركن بدون تكبير، وعندما يصل مرحلة معينة يسكن حتى يضع المكرفون على فمه ثم يكبر ويكمل الركن، فإذا كان هذا هو المقصود، فنقول: إن هذا السكون المذكور غير مشروع؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: (صلوا كما رأيتموني أصلي) متفق عليه، وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، ولم يذكر في شيء منها أنه كان يسكن بين الركنين، إلا ما ورد في جلسة الاستراحة على خلاف فيها بيناه في الفتويين التالية أرقامهما: 10649 - 233143.
وقد استحب الفقهاء أن يبدأ تكبير الانتقال من وقت الشروع في الركن، ويستمر إلى الركن الموالى، ومعلوم أن هذا يتنافي مع ما أشار له السائل بقوله: "كأن يسكن أثناء انتقاله حتى يضع مكبر الصوت على فمه ثم يقول الله أكبر"
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يرى الحنفية والمالكية والشافعية على الجديد وهو الصحيح ـ وهو ما يؤخذ من عبارات فقهاء الحنابلة ـ استحباب التكبير في كل ركن عند الشروع ، ومده إلى الركن المنتقل إليه حتى لا يخلو جزء من صلاة المصلي عن ذكر ، فيبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع ، ويمده حتى يصل حد الراكعين ، ثم يشرع في تسبيح الركوع ، ويبدأ بالتكبير حين يشرع في الهوي إلى السجود ويمده حتى يضع جبهته على الأرض ، ثم يشرع في تسبيح السجود ، وهكذا يشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول حين يشرع في الانتقال ويمده حتى ينتصب قائما. اهـ
وعليه فمن يترك التكبير عند الشروع في الركن ثم يسكن أثناء انتقاله قدر ما يكفي لقول تسبيحة حتى يضع مكبر الصوت على فمه ثم ينطق بالتكبير ـ على النحو الذى وصفه السائل ـ يكون قد ترك مستحبا، وهو تعمير مرحلة الانتقال بالذكر، كما أنه أتى بما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله هذا غير مشروع، إلا أنه لا يبطل الصلاة لأنه من الأفعال الخفيفة التي لا تؤثر على صحة الصلاة، ولا يترتب عليه كذلك سجود
جاء في شرح كتاب الصلاة من عمدة الطالب: الحركات المبطلة يشترط لها ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن تكون كثيرة.
الشرط الثاني: أن تكون متوالية.
الشرط الثالث: أن تكون لغير ضرورة.
إذا توفرت هذه الشروط فإنها تبطل. اهـ
وجاء في كشاف القناع: (و) له (لبس ثوب وعمامة ولفها وحمل شيء ووضعه)؛ لما روى وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم التحف بإزاره وهو في الصلاة، وتقدم حمله صلى الله عليه وسلم أمامة، وكذا إن سقط رداؤه فله رفعه ولأنه عمل يسير، (و) له (إشارة بيد ووجه وعين)؛ لما روى أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة، رواه الدارقطني بإسناد صحيح وأبو داود ورواه الترمذي من حديث ابن عمر وقال: حسن صحيح، (ونحوه) أي ما ذكر من الأعمال اليسيرة كحك جسده يسيرا (لحاجة)؛ لأنه عمل يسير أشبه حمل أمامة وفتح الباب لعائشة. اهـ
وفي المغني لابن قدامة: والثاني من غير جنس الصلاة كالمشي والحك والتروح فهذا تبطل الصلاة بكثيره، ويعفى عن يسيره، ولا يسجد له، ولا فرق بين عمده وسهوه. اهـ
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 121351، بعنوان: أقسام الحركة في الصلاة وأحكامها.
وهذا الذي ذكرناه إنما هو في حال الإتيان بهذه الطريقة اختيارا، وأما إذا كان الشخص يفعله لحاجة ماسة كأن يكون ضعيفا أو مريضا ولا يستطيع الانتقال من ركن إلى آخر مباشرة فلا حرج في ذلك؛ إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 161299 - 10502 - 26670.
والله أعلم.