السؤال
هل يحق لي أن أهجر بعض الإخوة لتهميشهم لي لأنني لا أنتمي لحزب سياسي معين، مع العلم أنني أكثرهم علما وهم يقرون بذلك، ولا أستطيع أن أقيم درسا أو حلقة علمية.
هل يحق لي أن أهجر بعض الإخوة لتهميشهم لي لأنني لا أنتمي لحزب سياسي معين، مع العلم أنني أكثرهم علما وهم يقرون بذلك، ولا أستطيع أن أقيم درسا أو حلقة علمية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا ويشير صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
وعلى هذا، فلا يجوز لك أن تهجر إخوانك أو تحتقرهم وتقلل من شأنهم... وكذلك الأمر بالنسبة لهم هم فلا يجوز لهم أن يهجروك لمجرد أنك لا تنتمي إلى حزب سياسي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
إلا إذا كان الحزب الذي ينتمون إليه يناوئ الإسلام أو يحارب الفضيلة.... كالاحزاب العلمانية أو أصحاب البدع الغليظة.
قال أهل العلم: يجب هجران أهل الأهواء والمبتدعة الذين يجاهرون ببدعهم ويدعون إليها، قال القرطبي: من جالسهم وركن إليهم حكمه كحكمهم، فيجب هجرانه.
وأما إذا كان هذا الحزب الذي ينتمون إليه يسعى لإقامة الدين ونشره والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وتثقيف الأمة وتنميتها وتزكيتها.... فهذا من باب نصرة الإسلام والتعاون على البر والتقوى الذي فرضه الله تعالى على عباده في محكم كتابه، فقال الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان [المائدة:2].
ما لم يتخذ وسيلة للتعصب للأشخاص والآراء، واحتقار أحد من المسلمين والتقليل من شأنهم.
والحاصل أنه لا يجوز لك ولا لإخوانك أن تتهاجروا لغير سبب شرعي، وعليك أن تعامل إخوانك معاملة حسنة وإن أساءوا إليك، فإن ذلك من أفضل الأعمال كما قال الله تعالى: ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم [فصلت:35].
ويقول في هذا المعرض في آية أخرى: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور [الشورى:43].
وفي صحيح مسلم: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وننصحك بمراجعة الفتوى رقم:
6512 في مسألة الانتماء إلى الأحزاب السياسية.
والله أعلم.