السؤال
كنت أنا وأصدقائي نسخر من المدرسين، ونظل طول الطريق نضحك علي أفعالهم ونقلدهم باستهزاء، وأظن أنا كنت من علمت أصدقائي ذلك، (ولكني لست متأكدا)، والمشكلة أن من بين هؤلاء المدرسين الذين كنا نسخر منهم من كان يعطيني دروسا من غير مال لوفاة والدي، فهل فعل ذلك مع من له فضل علي يعتبر معصية أخري غير معصية الاستهزاء والتقليد؟
وهل يجب علي أن أكلم أصدقائي وأنصحهم أن هذا حرام؟ مع العلم أني لست متأكدا هل كنت أنا أول من فعل ذلك أم لا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي وفقك للندم على هذا الفعل، ولا شك أن فعل ذلك بالمعلم وغيره من ذوي الفضل على الناس أعظم وأشد من فعله بغيرهم, كما بيناه في الفتوى رقم: 118391.
ويزداد ذلك في حق من كان له فضل خاص عليك، كالمدرس الذي علمك مجانا تقديرا لظرف فقدك والدك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. فأمر بمكافأته بمثله أو بالدعاء له مرارا بظهر الغيب حتى ترى أنك قد رددت إليه معروفه، فكيف إذا قوبل معروفه ومراعاته بغيبته في عرضه، وإضحاك الناس عليه بالسخرية منه ونبزه بالألقاب ونحو ذلك؟
وأما ما يجب في ذلك فهو التوبة إلى الله مما فعلته، وذلك لا يتم إلا بشروط ثلاثة: بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، وشرط رابع في حالك هو التحلل من المغتاب إن لم تخف مفسدة من إخباره واستحلاله، كأن يحمل في قلبه عليك ونحو ذلك، فإن خفت ذلك فبإمكانك التحلل منه تحللا عاما من غير تفصيل، فإن لم تستطع فأكثر الدعاء له والاستغفار بظهر الغيب، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 273286، 167047، 127747.
والواجب عليك أيضا السعي في نصح أصدقائك، ولو كنت أول من بدأ تلك المعصية ثم نصحتهم بتركها فلا وزرعليك إن شاء الله فيما فعلوه بعد توبتك من فعلك إذا بينت لهم وسعيت في إصلاح ما أفسدت، فإن رحمة ربك واسعة، كما قال الله جل وعلا: إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم {البقرة:160}. فإن أبوا ولم يستجيبوا لك فلا تزر وازرة وزر أخرى، ورحمة الله أوسع من أن يؤاخذ بذلك، وقد قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.
والله أعلم.