الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط التوبة المتعلقة بحقوق الأدمي

السؤال

سؤالي هو عن إذا أراد الإنسان التوبة من الكذب هل عليه أن يخبر من كذب عليه؟ فأرجوكم أن توضحوا كل الآراء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالتوبة من المعصية التي تتعلق بحق آدمي يشترط فيها مع شروط التوبة المعروفة شرط آخر وهو أن يبرأ من حق صاحبها، سواء كانت مما يستوفى كالمال ونحوه، أو مما لا يستوفى كالغيبة والنميمة والكذب وغير ذلك، وهذا هو المعروف في مذهب الأئمة (مالك وأبي حنيفة والشافعي)، ورجحه الغزالي والقرطبي والنووي وغيرهم. انظر مدارج السالكين لابن القيم، إحياء علوم الدين، تفسير القرطبي، الأذكار للنووي.

واحتجوا على هذا بأدلة، منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.

قال البغوي: قوله: فليتحلله: أي ليسأله أن يجعله في حل من قبله، يقال: تحللته واستحللته: إذا سألته أن يجعلك في حل، ومعناه: أن يقطع دعواه ويترك مظلمته. شرح السنة للبغوي.

وقالوا: ولأن في هذه الجناية حقين: حقا لله وحقاً للآدمي فالتوبة منها بتحلل الآدمي لأجل حقه والندم فيما بينه وبين الله لأجل حقه. مدارج السالكين.

فهذا قول من يشترط استحلال الآدمي في كل الذنوب ما يستوفى منها وما لا يستوفى كالكذب والغيبة..

والقول الآخر في المسألة: هو ما ذهب إليه جمع من العلماء وهو أن الحق إذا كان مما يستوفى كمالٍ ونحوه يرده إلى صاحبه، وإن كان مما لا يستوفى كالغيبة والنميمة والكذب ونحو ذلك، فيكتفي بالدعاء له والاستغفار وذكره بخير، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وذكر أن هذا قول الأكثرين ورجحه ابن القيم، وذكر العلامة السفاريني أن هذا قول الجمهور، واحتجوا بما يلي:

1- أن إعلامه مفسدة محضة لا تتضمن مصلحة، فإنه لا يزيده إلا أذى بعد أن كان مستريحاً قبل سماعه.

2- أن هناك فرقاً بين الحقوق المالية وغيرها، لأن الحقوق المالية ينتفع بها إذا رجعت إليه بخلاف الكذب والغيبة والنميمة، ولأنه إذا أخبره بها لم تؤذه بل تزيده فرحاً وسروراً. وهذا القول الثاني هو الأقوى والأرجح، فعلى هذا لا يجب عليك الإخبار بأنك كذبت، ولكن عليك أن تتوب إلى الله، وأن تحسن لمن كذبت عليهم، وللمزيد من الفائدة والتفصيل راجع الآداب الشرعية لابن مفلح، غذاء الألباب، ولوامع الأنوار البهية كلاهما للسفاريني. ويمكنك مطالعة شروط التوبة المقبولة في الفتويين: 5450، 29785.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني