هل من يطلبون الرقية من غيرهم يحرمون شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

0 426

السؤال

هل وردت أحاديث تدل على أن طلب الرقية الشرعية لا يحسب من الذين يشفع فيهم الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث إنني سمعت بعض الدعاة مفسري الأحلام يقول ذلك وهذا هو الرابط:
http://www.youtube.com/watch?v=GKiBr8rL5qQ
رؤيا الرقية - الحيض - رجل مكحل.
كون أن من شروط 70 ألفا الذين يشفع فيهم حبيبنا أن لا يطلبوا الرقية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإنا لم نطلع على حديث يفيد أن المسترقي لا تناله الشفاعة، وإنما اطلعنا على بعض الأحاديث الصحيحة التي تفيد أن شفاعة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ستنال جميع المؤمنين به كما جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة. متفق عليه.

وفي رواية لمسلم: فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا.

ولكنه  ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. وفي رواية أخرى بزيادة: ولا يكتوون

وقد اختلف العلماء في المراد بالذين لا يسترقون، فقيل: لا يسترقون على طريقة أهل الجاهلية الذين يعتقدون أن الأدوية نافعة بطبعها ولا يفوضون الأمر إلى الله تعالى، وهذا اختيار ابن حبان في صحيحه، وقيل: الذين لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم لكمال توكلهم على الله وتعلق قلوبهم به.

قال النفراوي في شرح الرسالة: تعبير المصنف بلا بأس يقتضي أن الأحسن عدم الاسترقاء وتسليم الأمر إلى الله, ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : {يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب وهم الذين لا يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون}، ففي هذا ذم الاسترقاء، وحديث: {أن جبريل كان يرقي النبي صلى الله عليه وسلم} يقتضي مدح الاسترقاء, وأن فعله أحسن من تركه، والجواب عن تلك المعارضة من وجهين: أحدهما: أن الاسترقاء الذي يحسن تركه الاسترقاء بكلام الكفار أو الألفاظ المجهولة التي لا يعرف معناها كالألفاظ العجمية, والاسترقاء الحسن ما كان بالآيات القرآنية أو الأسماء والكلمات المعروفة المعاني، وثانيهما: أن الاسترقاء المستحسن تركه في حق من له قوة على الصبر على ضرر المرض كما قيل إنه قيل للصديق: ندعو لك طبيبا, فقال: الطبيب أمرضني, والمستحسن فعله في حق الضعيف, ولا يكون الاسترقاء منافيا للتوكل على المشهور من الخلاف المشار إليه في الجوهرة بقوله: في الاكتساب والتوكل اختلف والراجح التفصيل حسب ما عرف؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان على غاية من التوكل وكان يستعد للحرب, وقال لصاحب الناقة: {اعقلها وتوكل}. اهـ

وفي شرح رياض الصالحين للعلامة الشيخ ابن عثيمين:  أورد بعض العلماء إشكالا علي هذا الحديث، وقال: إذا اضطر الإنسان إلى القراءة، أي إلى أن يطلب من أحد أن يقرأ عليه مثل أن يصاب بعين، أو بسحر، أو أصيب بجن واضطر، هل إذا ذهب يطلب من يقرأ عليه يخرج من استحقاق دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ فقال بعض العلماء: نعم هذا ظاهر الحديث، وليعتمد علي الله وليتصبر ويسأل الله العافية، وقال بعض العلماء: بل إن هذا فيمن استرقي قبل أن يصاب، أي: بأن قال: اقرأ علي أن لا تصيبني العين، أو أن لا يصيبني السحر أو الجن أو الحمي، فيكون هذا من باب طلب الرقية لأمر متوقع لا واقع، وكذلك الكي، فإذا قال إنسان: الذين يكوون غيرهم هل يحرمون من هذا؟ الجواب: لا! لأن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: "ولا يكتوون" أي: لا يطلبون من يكويهم، ولم يقل ولا يكوون، وهو عليه الصلاة والسلام قد كوي أكحل سعد بن معاذ ـ رضي الله عنه ـ فسعد بن معاذ الأوسي الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ أصيب يوم الخندق في أكحله فانفجر الدم، والأكحل إذا انفجر دمه قضي علي الإنسان، فكواه النبي صلي الله عليه وسلم في العرق حتى وقف الدم، والنبي صلي الله عليه وسلم هو أول من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب. فالذين يكوون محسنون، والذين يقرؤون علي الناس محسنون، ولكن الكلام علي الذين يسترقون، أي يطلبون من يقرأ عليهم، أو يكتوون، أي: من يطلبون من يكويهم، والله الموفق.  اهـ

وانظر للاستزادة الفتويين التالية أرقامهما: 110983، 112245.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات