السؤال
سؤالي هو: عند خروج المني في نهار رمضان بقصد، بحيث علمت أن الكفارة عند الجمهور لا تجب، بل يجب القضاء فقط، لكن في بلدي الجزائر يعملون بأقوال المذهب المالكي، وأنا أخاف من تتبع الرخص، وأردت التكفير بالإطعام على المذهب المالكي، ولكن أخاف أيضا من تتبع الرخص، فهل التكفير بالإطعام يعتبر تتبعا للرخص، ويلزمني الصوم؟ وأنا أجد في الصوم مشقة كبيرة وعناء، وأعاني من بعض الوسوسة.
وهل تبرأ ذمتي بشكل نهائي بالتكفير بالإطعام على المذهب المالكي؟ مع العلم أن أكثر العلماء يقولون: لا تجب الكفارة بالترتيب إلا في الجماع فقط، الرخصة في قول الجمهور.
أريد تفسيرا دقيقا لهذه المسألة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فخروج المني نهار رمضان إن كان بغير جماع لا تجب به الكفارة وإنما القضاء، وأكثر أهل العلم على أن الكفارة المغلظة في رمضان لا تجب بغير الجماع، وهذا القول أسعد دليلا وأقوى حجة؛ إذ لم يرد دليل شرعي صريح على وجوب الكفارة إلا في الجماع، وقياس غير الجماع عليه قياس مع الفارق، والأخذ بقول جمهور أهل العلم في عدم وجوب الكفارة ليس فيه تتبع للرخص، وكون البلد الذي أنت فيه ينتشر فيه أحد المذاهب الفقهية هذا لا يلزمك بأن تأخذ بذلك المذهب، وإنما أنت مطالب بأن تسأل من تثق بدينه وعلمه من أهل العلم، وتعمل بما يفتيك به، وإن اختلفت عليك الأقوال: فلك أن تأخذ بأيسرها عند كثير من العلماء؛ لأن الشريعة مبنية على اليسر لا العسر، وإن أردت أن تأخذ بالأحوط فلك ذلك.
والكفارة على الترتيب عند الجمهور: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يقدر على ذلك، فليصم شهرين متتابعين، فإن عجز عن ذلك، فليطعم ستين مسكينا، ولا ينتقل من خطوة منها إلى الخطوة التي تليها إلا عند العجز عن السابقة. وعند المالكية على التخيير، فيمكن للشخص فعل أي خصلة منها, وإن كان الإطعام عندهم أفضل، كما بيناه في الفتوى رقم: 263344 عن مذاهب العلماء فيمن أفطر متعمدا في نهار رمضان.
والخلاصة: أننا لا نرى حرجا عليك في الأخذ بقول الجمهور، ونرجو أن تبرأ ذمتك بالعمل به، ولعل الوسوسة التي تعاني منها تلعب دورا فيما تجده من الحيرة والقلق، فاحذرها؛ فإنها شر مستطير ربما ألحقت صاحبها بمصاف المجانين. وانظر الفتوى رقم: 56633.
والله تعالى أعلم.