مسألة العقل في القلب أو الدماغ

0 439

السؤال

السلام عيكم ورحمة الله وبركاتهلقد سمعت من زوجي بأنه قرأ في حديث لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أن العقل في القلب وكان ذلك شيئا عجيبا أن أسمعه لأن دائما أسمع وأقرأ بأن العقل في الدماغ وقرأت هذا الحديث بنفسي أيضا، أود أن تشرحوا لي معنى هذا الحديث لأن زوجي يقول أن لا أحد من الذين يعرفهم صدقوا عندما أخبرهم بهذا الحديث؟ وجزاكم الله خيرا... السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد وجد الخلاف قديما في مكان وجود العقل.. فمذهب الشافعية وجماهير المتكلمين أن العقل في القلب، وهذا القول محكي أيضا عن الفلاسفة.
وقال أبو حنيفة: إن العقل في الدماغ، وهذا القول محكي عن الأطباء.
وقد احتج القائلون بأنه في القلب بقول الله تعالى: أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها [الحج:46].
وبقوله تعالى: إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب [ق:37].
قال المفسرون: معناه لمن كان له عقل، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. رواه مسلم.
فإنه صلى الله عليه وسلم جعل صلاح الجسد وفساده تابعا للقلب، مع أن الدماغ من جملة الجسد فيكون صلاحه وفساده تابعا للقلب، فعلم أنه ليس محلا للعقل.
واحتج القائلون بأنه في الدماغ بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل، ويكون من فساد الدماغ الصرع، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن مسكن العقل من الجسد؟ فأجاب: وأما قوله: أين مسكن العقل فيه؟ فالعقل قائم بنفس الإنسان التي تعقل، وأما من البدن فهو متعلق بقلبه، كما قال الله تعالى: أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها [الحج:46].      
وقيل لابن عباس: بماذا نلت العلم، قال: بلسان سئول وقلب عقول.
لكن لفظ القلب قد يراد به المضغة الصنوبرية الشكل التي في الجانب الأيسر من البدن التي جوفها علقة سوداء، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد.
وقد يراد بالقلب باطن الإنسان مطلقا، فإن قلب الشيء باطنه كقلب الحنطة واللوزة والجوزة ونحو ذلك، ومنه سمى القليب قليبا لأنه أخرج قلبه وهو باطنه.
وعلى هذا.. فإذا أريد بالقلب هذا فالعقل متعلق بدماغه أيضا، ولهذا قيل: إن العقل في الدماغ، كما يقوله كثير من الأطباء، ونقل ذلك عن الإمام أحمد، ويقول طائفة من أصحابه: إن أصل العقل في القلب فإذا كمل انتهى إلى الدماغ.
والتحقيق أن الروح التي هي النفس لها تعلق بهذا وهذا، وما يتصف من العقل به يتعلق بهذا وهذا؛ لكن مبدأ الفكر والنظر في الدماغ، ومبدأ الإرادة وأصل الإرادة في القلب، والمريد لا يكون مريدا إلا بعد تصور المراد، فلا بد أن يكون القلب متصورا فيكون منه هذا وهذا، ويبتدئ ذلك من الدماغ وآثاره صاعده إلى الدماغ، فمنه المبتدأ، وإليه الانتهاء، وكلا القولين له وجه صحيح.
انتهى
وما ذكره شيخ الإسلام هنا هو الأقرب إلى الصواب... على أن الخوض في هذا الأمر خوض فيما له تعلق بالروح، وقد قال جل وعلا عن الروح: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا [الإسراء:85].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة