السؤال
نحن أسرة من أربعة إخوة؛ مكونة من ولدين، وبنتين، ووالداي -حفظهما الله-.
أمي لديها ذهبها الخاص بها، وقد أهدت أختي منذ عدة سنوات في مناسبة قطعة من ذهبها, والآن ترغب والدتي في إهدائي شيئا من ذهبها, لكنني رفضت وأخبرتها بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما رفض أن يشهد على إهداء رجل حديقة لأحد أبنائه دون إخوته, فقالت لي: الحديقة يمكن أن تزرع وأن يتاجر بمحصولها, أما ما أهديك إياه فهو لتتزيني به، وأنت لن تبيعيه أو تتاجري به. فهل أقبل هديتها؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن الحديث الذي أشارت إليه السائلة هو حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه-، كما في الصحيحين وغيرهما عن النعمان بن بشير أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فأرجعه. اهـ.
وجاء في رواية الدارقطني أن العطية هي حائط -حديقة- كما ذكرت السائلة؛ ولكنها رواية ضعيفة جدا، كما قال الألباني في السلسلة الضعيفة 2183؛ لأن في إسنادها جابرا الجعفي، وهو متروك.
والذي يمكننا قوله هو: أنه ينبغي لأمك أن تعدل في عطيتها -سواء كانت ذهبا أو غيره-؛ فتعطي البنات الذهب -إن شاءت- وتعطي الذكور من المال ما يتحقق به العدل المأمور به شرعا، وإلا فيمكنها أن تعيرك الذهب لتلبسيه وتتزيني به ويبقى على ملكها، وإن أرادت الهبة ولم تعدل فلا ينبغي لك قبول هديتها، وإن قبلتها فينبغي لك أن ترديها لها ما دامت حية أو تشركي بقية إخوتك وأخواتك في هذا الذهب فتكونون شركاء فيه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية فيمن فضله والده بالعطية في الفتاوى الكبرى: وإن أقبضه إياه لم يجز على الصحيح أن يختص به الموهوب له، بل يكون مشتركا بينه وبين إخوته. والله أعلم. اهـ.
وقال في موطن آخر: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا؛ طاعة لله ولرسوله واتباعا للعدل الذي أمر به؛ واقتداء بأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-. ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ.
وفي المغني لابن قدامة: ولا خلاف في أنه يستحب لمن أعطي أن يساوي أخاه في عطيته، ولذلك أمر أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- قيس بن سعد برد قسمة أبيه ليساووا المولود الحادث بعد موت أبيه. اهـ. وهذا على القول بوجوب العدل في العطية، وهو القول المرجح عندنا، كما في الفتوى رقم: 277198.
والله تعالى أعلم.