السؤال
أثناء صلاة قيام الليل أقرأ بصوت جميل، وما يتعبني هو: أنني عندما أفعل ذلك أظل أفكر: كيف أتقن صوتي بشكل أجمل إذا كنت إماما للناس -أريد أن يعجبهم صوتي-؟ فبالتالي؛ الذي يتعبني هو: هل أنا أرائي؟ وهل كانت نيتي لله إذا كان دائما هكذا تفكيري؟
السؤال الآخر: هل إذا كانت هذه مراءاة، وأثناء الصلاة استغفرت وصححت نيتي، فهل -إن شاء لله- قد تقبل الصلاة؟
شكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت النصوص الشرعية على أن تحسين الصوت بقراءة القرآن مطلوب مرغب فيه؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. رواه البخاري. وقال أيضا: زينوا القرآن بأصواتكم. رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، والدارمي، وغيرهم، وبوب به البخاري في صحيحه. وفي الصحيحين: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لابن مسعود: اقرأ علي... إني أشتهي أن أسمعه من غيري، فذرفت عينا النبي- صلى الله عليه وسلم- لقراءته. وفي صحيح مسلم: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي موسى الأشعري: لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة؛ لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود. وقد أخرج البخاري الجزء الأخير منه. وفي بعض روايات غير الصحيحين أن أبا موسى قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو علمت لحبرته لك تحبيرا".
فمن حسن صوته بالقرآن من غير تكلف امتثالا لأمر الشرع فنعما فعل، ودل قول أبي موسى السابق على أنه لا بأس أن يقصد مع ذلك تأثير الآيات في قلوب المستمعين وترقيقها بها، على أن يكون ذلك كله خالصا لوجه الله -جل وعلا-، لا لأجل أن يمدحك الناس ويثنوا على صوتك ويقال: قارئ. ولا ينبغي أن يكون التفكير في تحسين الصوت هو شغلك الشاغل في الصلاة حتى يلهيك عن الخشوع في الصلاة والتدبر فيما تتلو.
وليكن خوفك من الرياء في القراءة باعثا إياك على الإخلاص فيها، لا مثبطا عن العمل؛ فإن الشيطان يخوفك بالرياء ليحملك على ترك العمل، فاعمل لوجه الله تعالى وتوكل عليه، واستعذ به من الشيطان الرجيم، قال تعالى: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون [النحل: 98 - 101].
ولمعرفة ما يندفع به الرياء راجع الفتويين التاليتين: 117814، 122611.
ولمعرفة حكم العمل الذي خالطه رياء راجع الفتاوى التالية أرقامها: 121464، 235723، 234643.
والله أعلم.