السؤال
عندي استفسار، وأتمنى أن تفيدوني؛ لأن الموضوع يهمني جدا:
نحن ثلاثة شباب عملنا مشروعا على الإنترنت، وهو: خدمة على تويتر (رتويت تلقائي؛ يعني: ننشئ 400 حسابا، ونقوم بربط جميع الحسابات بلوحة تحكم، ونعطيها أوامر رتويت لأي حساب، مثال: حساب ينزل تغريدة فتقوم جميع هذه الحسابات بإعادة التغريد له، ونحن نقوم ببيع هذه الخدمة) يعني: يشترك معنا شخص، الاشتراك الشهري 100 ريال لكل 200 إعادة تغريدة له، مع العلم أن الحسابات التي ننشئها هي التي تعيد التغريد للمشترك عندما ينزل تغريده، فما الحكم في هذه الخدمة؟
واستفسار آخر: أقوم بإنشاء حساب تويتر، وأوصل متابعيه لعدد معين، وبعده أبيع الحساب، فما حكم بيع الحساب؟
* مع العلم أن تويتر تمنع مثل هذه الخدمة، وتعتبرها مخالفة لأنظمة وقوانين تويتر.
* ويتم حظر حساباتنا كل فترة، ولقد تم إيقاف خدمتنا أكثر من ثلاث مرات من قبل تويتر.
* يتم مراقبة المشتركين والحسابات، ومراقبة أنشطتها، وبإذن الله لا تغرد أو تعيد تغريدات تحتوي على محرمات.
* الحسابات التي ننشئها -وهي التي تقوم بإعادة التغريد- لها متابعون وتغريدات، لكن جميعها نديرها بلوحة تحكم جماعية ندير فيها جميع الحسابات.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الدخن الذي يعتري مواقع التواصل الاجتماعي: ما فيها من الحرص على التكثر والتباهي بكثرة المتابعين والمعجبين؛ مما ينم عن أمراض تسري في القلوب من حب الظهور والعلو والشهرة، وهي خصال مذمومة في الشرع والعقل.
وبخصوص حكم بيع إعادة التغريد (الريتويت) الآلي: فهو لا يجوز؛ لما فيه من غش وإيهام للناس، فمشتري الريتويت يظهر لغيره أن المهتمين بحسابه أو تغريداته كثر، والواقع ليس كذلك، و فيه ما فيه أيضا من التشبع المذموم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. متفق عليه.
وقد أفتى الشيخ عبدالله المطلق -عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية- بحرمة شراء المتابعين الوهميين في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وقال: "هذا كذب وبهتان مبين، ولا يجوز". وهو قريب من مسألة شراء إعادة التغريد (الريتويت). هذا من جهة، ومن جهة أخرى: إذا كانت إدارة الموقع تمنع هذا الأمر فهو موجب آخر للحكم بعدم الجواز؛ فالمسلمون على شروطهم، ولا يجوز التحايل على إدارة الموقع ومخالفة أنظمتها.
وأما عن حكم بيع حساب بمتابعين: فلا يظهر مانع منه إذا كان المتابعون للحساب حقيقيين غير وهميين، ولم يمنع من ذلك نظام الموقع، إذا ليس في بيع الحساب خداع ولا إيهام لأحد، وأما بالنسبة لتكثر مشتري الحساب بالمتابعين: فهو محتمل، وليس بلازم، فقد يقصد استغلال الحساب في أمر مشروع من دعوة لخير، أو لإعلانات مباحة، أو نحو ذلك.
قال الشيخ محمد صالح المنجد: شراء المتابعين نوعان: شراء لمتابعين حقيقيين، وشراء لمتابعين وهميين، والنية من وراء ذلك: حسنة وسيئة.
* فأما شراء المتابعين الوهميين: فهو تكثر مزور وتدليس، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)، وهذا تزين بالزور والكذب. والذي يريد أن يكتسب مكانة بين الناس ووزنا وأهمية بمتابعين وهميين يخشى عليه من الدخول في قوله تعالى: (ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب). وأما ما ينطوي عليه هذا العمل من المخادعة، فهو ظن الناس أنه لولا أهمية ما يكتبه هذا المغرد ويفيد به ما كان لديه كل هذا العدد من المتابعين، والخديعة في النار كما أخبر عليه الصلاة والسلام. وبعض الذين يطلبون المتابعين الوهميين بالبرمجة أو بالشراء من المبرمجين، يقصد حجز الاسم لزيادة عدد متابعيه؛ ليبيعه بسعر مرتفع (حساب مع متابعين)، فهذا مخادع للمشتري وغاش له؛ لأن المشتري يظن أن هؤلاء متابعون حقيقيون، فيدفع أكثر. وقد يجري بعضهم ترتيبات معينة لاشتراك متابعين حقيقيين، ثم لا يلبث هؤلاء أن ينفضوا وينسحبوا تدريجيا، وهذا غش محرم، وفيه إضرار وتواطؤ على الخداع، وبعضهم يجذب بالمتابعين الوهميين متابعين حقيقيين، فيجعلها كالمصيدة. وبعضهم يتخذ من حسابه في تويتر مجالا للدعاية والإعلان، فيستزيد من هؤلاء الوهميين لكسب المعلنين الذين يظنون أن الإعلان هنا سيراه كل هذا العدد، بينما الحقيقة خلاف ذلك، وهذا غش وخداع وتدليس أيضا، وإضرار بالمعلنين.
* وأما إذا قصد من زيادة عدد المتابعين الحقيقيين أن تعم الفائدة وتصل لعدد أكبر: فلا حرج في ذلك إذا صحت نية المغرد، وقصد وجه الله واليوم الآخر، وانتفاع المسلمين، ونشر العلم والخير للناس في دينهم ودنياهم، وخصوصا عندما يكون الاسم لجهة عامة، أو لشخص غير معروف لا مجال لقصد الشهرة في حالته؛ لكونه عبدا لله خفيا، ويكون توسيع دائرة المتابعين في هذه الحالة بالإعلان أو التسويق ولو بالمال عملا مباحا أو مشروعا.
* وأما إذا قصد الشخص بشراء المتابعين الحقيقيين أو الوهميين تحصيل الجاه والمكانة والشعبية والجماهيرية .. ونحو ذلك: فهذا مذموم؛ لمنافاته الإخلاص، وهو من ابتغاء الشهرة والتباهي المحرم، والفرح بهذا العمل داخل في قوله تعالى: (إن الله لا يحب الفرحين). وابتغاء الكثرة في هذه الحالة داخل في قوله تعالى: (ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر). وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة) متفق عليه. بالإضافة إلى أنه سيحاسب على المال الذي دفعه لتحقيق تلك الأمور الباطلة. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 274240.
والله أعلم.