السؤال
بارك الله فيكم.
في الحديث " ولا يكتوون" فهل من كان مريضا واكتوى يخرج من ذلك الفضل الوارد في الحديث، وهو دخولهم الجنة بغير حساب ولا عقاب؟ أم هو من اكتوى تحسبا للمرض؟ ليتكم توضحون لي ترجيح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إن وجد؟
بارك الله فيكم.
في الحديث " ولا يكتوون" فهل من كان مريضا واكتوى يخرج من ذلك الفضل الوارد في الحديث، وهو دخولهم الجنة بغير حساب ولا عقاب؟ أم هو من اكتوى تحسبا للمرض؟ ليتكم توضحون لي ترجيح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إن وجد؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :
فالأخ السائل يشير إلى الحديث الوارد في صفة السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وقد جاء في بيان صفتهم أنهم " هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون " رواه البخاري ومسلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : (ولا يكتوون) أي: لا يطلبون من أحد أن يكويهم، وكذلك (ولا يسترقون) أي: لا يطلبون من أحد أن يرقيهم ، أما إذا كواك إنسان بدون طلب منك فإنك لا تخرج عن هؤلاء السبعين ألفا.. اهــ
وأما هل المريض الذي طلب من غيره أن يكويه يخرج من ذلك الفضل فالذي يظهر أن من فقد صفة من تلك الصفات فاته الفضل الوارد في الحديث ، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين " هل إذا طلبت من أحد أن يقرأ علي، هل أخرج بذلك من السبعين ألفا الذين قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيهم: إنهم لا يسترقون؟ " فأجاب الشيخ بقوله: نعم ، إذا كان الإنسان يطلب من أحد أن يرقيه، فإنه يفوته وصف من الأوصاف، وليس كل الأوصاف تفوته؛ فهذا وصف منها هم الذين لا يسترقون، والباقي: ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، ربما يفوت الإنسان كل الصفات الأربع، وربما يفوته صفة من هذه الصفات الأربع، وإذا أصلح الإنسان عمله، فما أوسع فضل الله عز وجل. اهـ .
وقد ورد في السنة ما يدل على أن ممن يحاسب قبل دخول الجنة من هو أفضل من هؤلاء السبعين ألفا ، فقد قال الحافظ في الفتح: وقد أخرج أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث رفاعة الجهني قال " أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا وفيه " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة " فهذا يدل على أن مزية السبعين بالدخول بغير حساب لا يستلزم أنهم أفضل من غيرهم ، بل فيمن يحاسب في الجملة من يكون أفضل منهم وفيمن يتأخر عن الدخول ممن تحققت نجاته وعرف مقامه من الجنة يشفع في غيره من هو أفضل منهم . اهــ
والله تعالى أعلم.