السؤال
حدث خلاف بيني وبين أبي بسبب رفضي الإمضاء على أوراق رسمية تخول لأخي الذي يكبرني بثلاث سنوات الحصول على حصة من أسهم الشركة العائلية التي يديرها أبي بمساعدتي أنا وأخي، مع العلم أن أبي أقدم على هذا العمل باتفاق مع أخي دون علمي، كما أنه طلب مني الإمضاء على الأوراق المعنية على أنها أوراق عادية يطلبها البنك، مستغلا ثقتي بالوالد، لكن مع الأسف كان مراد والدي إعطاء أخي الحصة الأكبر من أسهم الشركة؛ ليضمن له حرية تسيير الشركة بعده، وكانت ردة فعله عند مواجهته بالرفض أن يقوم بطردي من الشركة؛ لهذا أنا أسأل هل لدي الحق في متابعته قانونيا للمطالبة بمستحقاتي القانونية؟ مع العلم أن مدخراتي من عملي معه هي الأسهم التي أمتلكها في الشركة، وما حكم الشرع في ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمفتي به عندنا: أن المفاضلة بين الأولاد لا تجوز إلا لمسوغ شرعي، وانظر الفتوى رقم: 6242.
قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه، مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده؛ لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك؛ لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به، إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. والعطية في معناه. ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل، أو التخصيص على كل حال؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل بشيرا في عطيته، والأول أولى -إن شاء الله-؛ لحديث أبي بكر -يعني ما ورد أن أبا بكر -رضي الله عنه- نحل عائشة ابنته جذاذ عشرين وسقا، دون سائر ولده-، ولأن بعضهم اختص بمعنى يقتضي العطية، فجاز أن يختص بها، كما لو اختص بالقرابة. وحديث بشير قضية في عين لا عموم لها، وترك النبي صلى الله عليه وسلم الاستفصال يجوز أن يكون لعلمه بالحال. اهـ.
وعلى هذا؛ فإن كان لأبيك غرض صحيح معتبر شرعا في تفضيل أخيك، فعليك أن تطيعه في ذلك.
وإن لم يكن له غرض صحيح في التفضيل، فلا تلزمك طاعته في ذلك؛ فإنما الطاعة في المعروف، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 76303.
وأما مقاضاتك لأبيك بحقك في الشركة: فلا حرج فيه -إن شاء الله- إن لم تجد سبيلا للوصول إلى حقك إلا ذلك، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 150919، 177993، 148597.
وننبه إلى أن ظلم الوالد لأولاده لا يسقط عنه حقه في البر. وانظر الفتوى رقم: 115479.
والله أعلم.