هل خالف السنة من يجعل سجوده في قيام الليل أطول بكثير من ركوعه؟

0 227

السؤال

ما حكم من يجعل سجوده في قيام الليل أطول بكثير من ركوعه؛ وذلك لحاجته للدعاء مثلا؟ وهل خالف السنة في ذلك؟ أحسن الله إليكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد وردت السنة بأن السجود محل للدعاء، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء. رواه مسلم

قال النووي في المجموع شرح المهذب: تطويل القيام أفضل من تطويل الركوع، والسجود؛ لحديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت. رواه مسلم. والمراد من القنوت القيام، وتطويل السجود أفضل من تطويل باقي الأركان غير القيام؛ لحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. رواه مسلم. اهـ

وقد سئل الشيخ ابن باز ـ عليه رحمة الله ـ: هل يصح إطالة السجود في الصلاة المفروضة، وغيرها؛ ليتسنى لنا الدعاء؟

فأجاب: لا بأس، لكن إذا كان إماما لا يشق على الناس، يكون طول فيه مراعاة عدم المشقة، يتحرى فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده من التسبيح: سبحان ربي الأعلى .. مرات، والدعاء ما تيسر من غير إطالة تشق على الناس، أما إذا كان يصلي وحده، فالأمر فيه واسع. اهـ.

فعلم مما ذكر أن الذي يجعل سجوده في قيام الليل، أو في غيره أطول من ركوعه؛ لحاجته للدعاء فيه لا يعد مخالفا للسنة.

 غير أن قولك: أطول بكثير من ركوعه: إن كنت تقصد بالكثرة أنه قد خرج عن حد الاعتدال، والتناسب بين الأركان، فإن هذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البراء قال: كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم، وسجوده وبين السجدتين، وإذا رفع من الركوع -ما خلا القيام، والقعود- قريبا من السواء. متفق عليه.

قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ: معنى هذا أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت متقاربة في مقدارها، فكان ركوعه، ورفعه من ركوعه، وسجوده ورفعه من سجوده قريبا من الاستواء في مقداره، وإنما كان يطيل القيام للقراءة، والقعود للتشهد. انتهى.

فعلم أن إطالة السجود على الركوع لا ينبغي الخروج بها عن حد الاعتدال الذي يجعلهما متفاوتين كثيرا؛ مراعاة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم . 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة