السؤال
بارك الله فيكم من سمع بحديث الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ومنها أنهم لا يكتوون، لكنه اكتوى وأراد أن يتوب من الاكتواء مرة أخرى، فهل له توبة؟ وهل يعتبر هذا ذنبا أصلا؟ وهل يشمله الحديث إن عزم على عدم الرجوع إلى الاكتواء؟ وضحوا لنا المسألة بالتفصيل.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس الاكتواء ذنبا يتطلب التوبة منه، وإنما هو نوع من الأدوية جائز، وتركه أولى، ولبيان جواز التداوي بالكي انظر الفتوى رقم: 28323.
والذي يتقرب إلى الله بترك الاكتواء فقد تعرض لما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخول الجنة بغير حساب، فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. وفي رواية أخرى بزيادة: ولا يكتوون.
ومن اكتوى جاهلا فضيلة ترك الاكتواء الثابتة في الحديث السابق، ثم عزم على تركه؛ فنرجو له أن لا يحرم من ذلك الوعد، وفضل الله واسع، ويمكن أن يستأنس لذلك بخبر عمران بن حصين ـ رضي الله تعالى عنه ـ حيث رجعت له الكرامة بعد تركه للكي؛ فقد قال الكرماني في شرحه لصحيح الإمام البخاري: عمران هو ابن حصين، مصغر الحصن، الخزاعي البصري، كان تسلم عليه الملائكة حتى اكتوى، فتركوا السلام عليه، ثم ترك الكي فعادوا إلى السلام. ا.هـ.
وإن كان التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فكيف بمن ليس بمذنب أصلا، وإنما فعل ما هو مكروه أو خلاف الأولى، فنرجو لمن تركه لله أن يشمله فضل الله ويكون ضمن السبعين ألفا المذكورين في الحديث، وقد سئل الشيخ عبد المحسن العباد أثناء شرحه لـ (جامع الترمذي): من سبق أن استرقى أو اكتوى ثم تاب هل يدخل في السبعين ألفا؟ فقال: هو على خير. والله تعالى أعلم. ولمزيد فائدة، انظر الفتويين التالية أرقامهما: 15012، 35000.
والله أعلم.