حكم مطالبة أحد الشريكين الآخر بتعويضه عن خسائر الشركة

0 251

السؤال

أساتذتي الكرام.
قصتي باختصار أن لي شريكا في مؤسسة تعمل في مجال تقنية المعلومات.
جاء شريكي لي بفكرة عمل عقاري في دبي، رفضت الفكرة لانشغالنا بشركتنا الحالية، ولكني تحت الحاجة قبلت، بشرط ألا أكون مسؤولا عن إدارتها، حيث تعهد هو بإدارتها كاملة.
بعد وضع كامل ثقتي في شريكي، وبعد أقل من مضي نصف سنة على افتتاح الشركة، واستثمار ما يقارب مليوني ريال سعودي (مناصفة بيننا) اكتشفنا أنه تم النصب علينا من قبل الشخص الذي أوكله شريكي للعمل على المشروع (اسمه فهد، ومن جنسيته) وخسرنا استثمارنا كاملا.
والآن شريكي يقوم برفع مجموعة من القضايا على هذا الشخص.
قمت بمطالبة شريكي بدفع كامل حصتي بالخسارة، وذلك بسبب إهماله، وسوء إدارته، ومن الأمثلة على سوء إدارته ما يلي:
- لم يسأل عن تاريخ، وخلفية هذا الشخص (فهد) عند تعيينه.
- لم يكن هنالك أي عقد عمل ما بين الشركة، وفهد طيلة الشهور الستة.
- لم تكن هنالك أية أوراق رسمية عن فهد، أو الموظفين الذين قام بتعيينهم.
- لم يتم سؤال فهد عن حجم فريق العمل الذي قام بتوظيفه.
-قام فهد باستئجار3 شقق، قيمتها 1.5 مليون درهم، ولم يقم شريكي بالإشراف على الاستئجار، وانتهى الوضع بأن النقود دفعت لأشخاص غادروا دبي بغير رجعة، ولم يتم تسجيل التأجير بشكل رسمي، بل كانت الأوراق مزورة، وتم إرسالها بالبريد الإلكتروني.
- يقول شريكي بأنه كان يعامل فهد كأنه ابنه، ولكنه غدر به.
-لم تتم مسألة فهد عن عدم ورود أية إيرادات لمدة ستة أشهر، من تاريخ تأسيس الشركة.
لدى مطالبتي لحصتي يلح شريكي علي بأني شريكه بالربح، والخسارة. ولكني أرفض هذا المبدأ؛ ذلك لأنه أهمل في إدارة الشركة التي هو من الأساس من طلب تأسيسها، مع العلم بأنه في شركتنا الأم يتصرف بشكل احترافي، ويدقق في كل الأوراق، وهذا ما طمأنني لدى تحمله مسؤولية الشركة بدبي، وله من العمر أكثر من 50 عاما، وكذلك كان رئيس شركة عقارية تصل أصولها لمليار درهم.
أقول له من المنطق تحمل المسؤولية عن ذلك، ولكنه يرفض المنطق ويقول: إذا كان الشرع يقول بأنه يتحمل مسؤولية سوء الإدارة، فإنه سوف يعوضني. ولذلك اتفقنا على سؤال أهل العلم والشرع بذلك.
لذا أرجو من حضرتكم إبداء رأيكم في ذلك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا خلاف بين الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة. والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي، أو التقصير، كما أن الأصل هو تحمل كلا الشريكين للخسارة, كل بحسب رأس ماله، ولا يتغير ذلك إلا بتقصير أحدهما، وتفريطه، وتعديه.

جاء في المنثور في القواعد في أسباب الضمان وذكر منها اليد، قال: وهي ضربان: يد غير مؤتمنه كيد الغاصب، ويد أمانة كالوديعة، والشركة والمضاربة، والوكالة ونحوها إذا وقع منها التعدي صارت اليد يد ضمان. اهـ.

وجاء في الموسوعة: اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة أيا كان نوعها؛ لأنه كالوديعة مال مقبوض بإذن مالكه، لا ليستوفي بدله، ولا يستوثق به، والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي، أو التقصير. وإذن فما لم يتعد الشريك، أو يقصر فإنه لا يضمن حصة شريكه، ولو ضاع مال الشركة أو تلف. انتهى.
 وعلى هذا، فشريكك وكيل عنك، وهو مؤتمن على مسؤولية الشركة، وإدارتها وفق ما اتفقتما عليه، والأصل أنه لا يضمن كما ذكرنا ما لم يفرط أو يتعد, وكون الشريك فرط، أو تعدى يرجع فيه إلى بنود عقد الشركة النصية، والعرفية وما يحكم به أهل الخبرة في مثل هذه التصرفات المدعى التفريط فيها.

لكن ننبه على أن مسائل المنازعات، وقضايا الخصومات لا يكتفى فيها بالسؤال عن بعد، بل لا بد من عرضها على المحاكم الشرعية إن وجدت، أو مشافهة أهل العلم بها ليدلي كل طرف بدعواه، ويبين حجته. كما ننصح المتخاصمين بالصلح ما أمكن ذلك، فالصلح خير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة