السؤال
أنا أتوكل على الله وقت الاختبارات وآخذ بالأسباب، ولكن -مثلا- عندما أذاكر لا أذاكر الكتاب كله، فأترك بعض الصفحات، وأتوكل على الله، ومن ثم أجد الأشياء التي تركتها تأتي في الاختبار، فهل أنا لا أستطيع التوكل؟
أنا أتوكل على الله وقت الاختبارات وآخذ بالأسباب، ولكن -مثلا- عندما أذاكر لا أذاكر الكتاب كله، فأترك بعض الصفحات، وأتوكل على الله، ومن ثم أجد الأشياء التي تركتها تأتي في الاختبار، فهل أنا لا أستطيع التوكل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل لديه لبس في العلاقة ما بين التوكل والأخذ بالأسباب؛ فنقول: إن التوكل على الله شيء، والأخذ بالأسباب شيء آخر؛ فالأول: عمل قلبي باطني. والثاني: عمل من أعمال الجوارح الظاهرة.
فالتوكل -إذن- هو: الاعتماد على الله -عز وجل-، والاستعانة والثقة به، والرضا بما يقدر؛ يقول ابن القيم -رحمه الله-: التوكل جامع لمقام التفويض والاستعانة والرضا، لا يتصور وجوده بدونها. اهـ.
أما الأخذ بالأسباب: فهو أمر واضح لا يحتاج إلى شرح، فإذا أراد الشخص فعل أي أمر شرع له الأخذ بالأسباب الموصلة إليه إن لم يكن فيها ما يحظره الشرع، فإذا مرض -مثلا- شرع له أخذ الدواء، ونحو ذلك مما يكون سببا في شفائه -بإذن الله تعالى- وإذا أراد أن يشارك في امتحان شرع له الأخذ بأسباب النجاح من مراجعة كامل المقرر، وما شابه ذلك، وهكذا ...
ولا يتعارض أي شيء من ذلك مع التوكل على الله، بل إنه من آثاره ونتائجه؛ إذ إن عمل القلب -وهو هنا التوكل- لا بد أن يؤثر في عمل الجوارح، والذي هو الأخذ بالأسباب، فمن ترك العمل -أي: الأخذ بالأسباب- فهو العاجز المتواكل الذي يستحق من العقلاء التوبيخ والتهجين؛ قال ابن القيم: ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلا للأمر والحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلا، ولا توكله عجزا. اهـ.
ومما تقدم يتبين لك أن تركك لبعض الصفحات فيه نقص في الأخذ بالأسباب اللازمة، وبالتالي؛ فإن الخلل في تركك لبعض الأسباب الموصلة إلى ما تريد، لا في أصل توكلك على الله.
فإذا أردت فعل أي أمر -مستقبلا- فعليك بالأخذ بأسبابه الكاملة مع التوكل على الله تعالى؛ فذلك هو المنهج السليم.
ولا تأخذ ببعض الأسباب وتترك بعضها بحجة التوكل؛ فإن ذلك عجز، لا توكل.
وراجع لمزيد الفائدة هاتين الفتويين: 216799، 124803.
والله أعلم.