السؤال
طالب مغترب استأجر شقة، وأثناء إقامته ذهبت كل قنوات التلفاز دون تدخل منه، وعندما انتهت إقامته أصر عليه صاحب الشقة أن يصلح التلفاز أو يعطيه مقابلا لإصلاحه، فأعطاه بنية أن التلفاز قد يستخدم في الخير، ولم يكن يعلم أنه يجب عليه أن ينظر في حال الشخص ويغلب ظنه هل سيستخدم التلفاز في الخير أو الحرام، وما زاد الطين بلة أنه علم أن صاحب الشقة استقر فيها هو وأهله، وأنهم غير مسلمين، فذهب كل أمل في أن يستخدم التلفاز في المباح فقط، وكان قد استشار أهله بداية لأنه كان يرى أنه من الظلم أن يصلح شيئا لم يفسده، فأمروه بأن يعطي المال سريعا ويسامح كي لا يشغل نفسه عن دراسته، ولم يكونوا يعلمون بالحكم، فماذا عليه وعليهم أن يفعلوا؟ وماذا يفعل إن تكرر الموقف مع مؤجر آخر؟ وهل إن استأجر شقة ثم خرج منها دون مساس بقنوات التلفاز، يتحمل إثم كل من شاهدها بعده؟ أم الإثم على صاحبها فقط؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإعانة على الإثم من حيث القصد والمباشرة أربعة أقسام، ثلاثة منها محرمة، وواحد مباح، وهو ما إذا كانت غير مباشرة ولا مقصودة، كمن باع ما يستعمل في الحلال والحرام، ولم ينو إعانة مستعمليه في الحرام، وكمن أعطى آخر درهما لا ليشتري به خمرا، فإن اشترى به خمرا وشربه فلا إثم على من أعطاه الدرهم، طالما لم ينو به إعانته على المحرم، ومن هذا القسم المباح: البيع والشراء والإجارة من المشركين وفساق المسلمين، والتصدق عليهم بالمال وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 238762.
وعلى ذلك، فلا حرج على هذا الطالب في ما فعل، لأنه لم يباشر منكرا، ولم يقصد بهذا المال الذي بذله إعانة صاحب الشقة على منكر، وكذلك الحال في من استأجر شقة وخرج منها دون تعرض لقنوات التلفاز فيها بحذف أو إضافة! فلا إثم عليه، وإنما الإثم على من استعمل التلفاز في أمر محرم، ثم على مالكه الذي أضاف إليه ما لا يحل من القنوات.
وأما إذا تكرر هذا الموقف: فالحكم بصفة عامة أن المستأجر إذا لم يكن في استعماله لمرافق الدار ومقتنياتها تفريط ولا تعد، فإنه لا يضمن ما يحدث فيها من عيوب، وإنما يكون إصلاحها على المالك، لأن المستأجر مؤتمن، ولا ضمان على مؤتمن ما لم يتعد أو يفرط، وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 119057، ورقم: 183583.
والله أعلم.