السؤال
لقد كنت على علاقة بفتاة، وكلما أردت التوبة عدت مرة أخرى. وبالأمس حدثتها بحلم لم أره؛ لأشكل رادعا لهذه المعصية، وحتى نتوب ونرجع إلى الله، وأنا نادم على ما سلف، وعازم -إن شاء الله- على العودة لله، والتوبة الصادقة. فهل علي فعل شيء لأني حدثت بحلم لم أره؟ وهل أدخل في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بهذا الموضوع؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -عز وجل- أن يشرح صدرك لهداه، وأن يمن عليك بتوبة نصوح، وليس يخفى عليك حرمة هذه العلاقة، ووجوب المبادرة بالتوبة والإقلاع عنها.
وأما الكذب في الرؤيا: فقد ورد فيه الوعيد الشديد؛ ففي صحيح البخاري عن واثلة بن الأسقع، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن من أعظم الفرى: أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقل. وفيه: عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين.
جاء في فتح الباري: أما الكذب في المنام: فقال فيه الطبري: إنما اشتد فيه الوعيد مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه؛ إذ قد تكون شهادة في قتل أو حد أو أخذ مال؛ لأن الكذب في المنام كذب على الله أنه أراه ما لم يره، والكذب على الله أشد من الكذب على المخلوقين؛ لقوله تعالى: ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم.. الآية. وإنما كان الكذب في المنام كذبا على الله لحديث الرؤيا جزء من النبوة، وما كان من أجزاء النبوة فهو من قبل الله تعالى. انتهى ملخصا. اهـ.
ولا يسوغ الكذب في الرؤيا لأجل الزجر والتوبة عن المعصية، وقد سئل ابن عثيمين: ما حكم الكذب في الحلم للمصلحة العامة، وخاصة على الزوج الذي لا يصلي كتخويفه من النار، حتى يرجع عن إهماله في الصلاة؟
فأجاب: الكذب في الحلم حرام، بل من كبائر الذنوب؛ لأن الإنسان إذا كذب في الحلم، أي: قال: إني رأيت في المنام كذا. وهو لم يره، فإنه يعذب يوم القيامة، يكلف بأن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد، ولا يقال: إنه إذا كان هناك مصلحة جاز الكذب؛ لأنه لا يمكن أن يدعى إلى الله بمعصية الله أبدا، ولكن يكفينا ما في القرآن والسنة من المواعظ، فإذا وعظ هذا الرجل المفرط في الصلاة أو في غيرها من الواجبات إذا وعظ بما في القرآن والسنة كفى ذلك إن اتعظ فهذا هو المطلوب، وإن لم يتعظ فقد قامت عليه الحجة، وحسابه على الله -عز وجل-.اهـ. من فتاوى نور على الدرب.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة -تحت عنوان: الكذب من أجل إنكار المنكر-: الكذب في الحلم محرم، وجاء فيه من الوعيد ما فيه مزدجر، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله قـال: إن من أفرى الفرى: أن يري عينه ما لم تر. رواه البخاري. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل. رواه البخاري.
فالواجب عليك: التوبة والاستغفار عما بدر منك. ويجـب عليك في المستقبل إذا أمرت بمعروف أو نهيت عن منكـر: أن تسلك الطرق الشرعية، وأن تلتزم بالصدق والأمانة. اهـ.
فالواجب عليك التوبة إلى الله -عز وجل- من كذبك في الرؤيا، وعليك كذلك بقطع علاقتك بتلك الفتاة. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 14267، والفتوى رقم: 263608.
والله أعلم.