هل هناك فرق بين من رفض الإسلام عنادًا وبين من رفضه لغير اقتناعه؟

0 214

السؤال

نعلم أن اليهود، والنصارى يعلمون أن الإسلام هو الدين الصحيح، لكنهم تركوه عنادا وتكبرا؛ لذا فهم في النار، فمن عرض عليه الإسلام بالأدلة، والحجج، والبراهين، فرفضه لعدم اقتناعه داخليا، وليس لعناده، ف هل يكون في النار؟ وبمعنى آخر: هل هناك فرق بين من رفض الإسلام عنادا وبين من رفضه لغير قناعة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يشترط في كون اليهود، والنصارى قد كفروا بسبب عنادهم، وتكبرهم، وإن كان هذا السبب هو الغالب فيمن كفر برسل الله عامة، وقد يكون كفرهم كفر تكذيب، أو كفر إعراض، أو كفر شك، والحالة التي ذكرت هي من كفر التكذيب، والجحود، وهو قليل في الكفار، كما قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ ولكنه واقع وأصحابه يحكم عليهم بالكفر والخلود في النار، ولا يقبل منهم عدم الاقتناع إن ادعوه، فإن من ذكرت له البراهين، والحجج الصحيحة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وصدق ما جاء به، ثم ادعى عدم الاقتناع لا يصدق في دعواه، ولا يعذر بكفره، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ  في كتابه مدارج السالكين: وأما الكفر الأكبر: فخمسة أنواع:

كفر تكذيب، وكفر استكبار وإباء مع التصديق، وكفر إعراض، وكفر شك، وكفر نفاق.

فأما كفر التكذيب: فهو اعتقاد كذب الرسل، وهذا القسم قليل في الكفار، فإن الله تعالى أيد رسله، وأعطاهم من البراهين، والآيات على صدقهم ما أقام به الحجة، وأزال به المعذرة، قال الله تعالى عن فرعون وقومه: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا {النمل: 14} وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون {الأنعام: 33} وإن سمي هذا كفر تكذيب أيضا فصحيح؛ إذ هو تكذيب باللسان.

وأما كفر الإباء والاستكبار: فنحو كفر إبليس، فإنه لم يجحد أمر الله، ولا قابله بالإنكار، وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار، ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، ولم ينقد له إباء واستكبارا، وهو الغالب على كفر أعداء الرسل، كما حكى الله تعالى عن فرعون وقومه: أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون {المؤمنون: 47}، وقول الأمم لرسلهم: إن أنتم إلا بشر مثلنا {إبراهيم: 10} وقوله: كذبت ثمود بطغواها {الشمس: 11}، وهو كفر اليهود، كما قال تعالى: فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به {البقرة: 89}، وقال: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم }البقرة: 146}، وهو كفر أبي طالب أيضا، فإنه صدقه ولم يشك في صدقه، ولكن أخذته الحمية، وتعظيم آبائه أن يرغب عن ملتهم، ويشهد عليهم بالكفر.

وأما كفر الإعراض: فأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول، لا يصدقه، ولا يكذبه، ولا يواليه، ولا يعاديه، ولا يصغي إلى ما جاء به البتة، كما قال أحد بني عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم: والله أقول لك كلمة، إن كنت صادقا، فأنت أجل في عيني من أن أرد عليك، وإن كنت كاذبا، فأنت أحقر من أن أكلمك.

وأما كفر الشك: فإنه لا يجزم بصدقه، ولا يكذبه، بل يشك في أمره، وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة، فلا يسمعها، ولا يلتفت إليها، وأما مع التفاته إليها، ونظره فيها، فإنه لا يبقى معه شك؛ لأنها مستلزمة للصدق، ولا سيما بمجموعها، فإن دلالتها على الصدق كدلالة الشمس على النهار.

وأما كفر النفاق: فهو أن يظهر بلسانه الإيمان، وينطوي بقلبه على التكذيب، فهذا هو النفاق الأكبر. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى التالية أرقامها: 2924، 3191، 99684.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة