السؤال
قلت ذات مرة وكنت قد سمعت آية: المال والبنون زينة الحياة الدنيا ـ دون قصد التكذيب: البنون تعاسة وهم هذه الحياة ـ أقصد الأطفال ومشاغبتهم دون قصد الاستهزاء، وقد تبت ـ والحمد لله ـ فماحكم هذه الكلمة؟ وهل هي كفر؟.
قلت ذات مرة وكنت قد سمعت آية: المال والبنون زينة الحياة الدنيا ـ دون قصد التكذيب: البنون تعاسة وهم هذه الحياة ـ أقصد الأطفال ومشاغبتهم دون قصد الاستهزاء، وقد تبت ـ والحمد لله ـ فماحكم هذه الكلمة؟ وهل هي كفر؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يقع الكفر بهذه الكلمة مادمت لم تقصدي بها الاستهزاء بالقرآن ولا تكذيبه، فإن بعض الأولاد قد يكون سببا لتعب والده وحزنه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الأولاد: إنهم لمجبنة محزنة. رواه أحمد.
أي قد يدعون أباهم إلى الجبن وعدم الإقدام مع ما يصيبه من الحزن عند فقدهم، وفي رواية: إن الولد مبخلة مجهلة محزنة. رواه الحاكم بسند صحيح.
ومعنى قوله: مبخلة ـ أي أن الولد سبب للبخل بالمال، ومعنى قوله: مجهلة ـ لكونه يحمل على ترك الرحلة في طلب العلم والجد في تحصيله، لاهتمامه بتحصيل المال له، ومعنى: محزنة ـ لأنه يحمل أبويه على كثرة الحزن، لكونه إن مرض حزنا، وإن طلب شيئا لا قدرة لهما عليه حزنا. ذكر ذلك الإمام المناوي في فيض القدير.
والاغتباط بالمال والبنين معروف عند الناس، كما قال الشاعر :
فلو شاء ربي كنت قيس بن عاصم ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
فأصبحت ذا مال كثير وطاف بي بنـون كـرام سـادة لمسـود.
ولا شك أنهما من نعم الله تعالى التي ينعم بها على من شاء من عباده، وقد امتن الله على بعض عباده بهما، كما في قوله سبحانه حكاية عن هود ـ عليه السلام ـ مع قومه: واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون {الشعراء 132ـ 134}.
ولكن السعادة الحقيقية بهما تحصل لمن يستغل النعم في طاعة ربه سبحانه، فيراعي طلب المال من السبيل الحلال، وينفقه في الحلال وسبل الخير طلبا لرضا رب العزة والجلال، ويتعاهد أولاده بحسن التربية والتوجيه، وإن لم يفعل ذلك فربما كان المال والبنون مصدرا للشقاء والتعب، كما قال تعالى: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون {التوبة:55}
والله أعلم.