السؤال
هل صحيح أن آدم عليه السلام فضل على الملائكة؟ وهل فضل عليهم بسبب العلم (وعلم آدم الأسماء كلها)؟
وهل يعنينا معرفة هل فضل صالحو البشر على الملائكة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.
هل صحيح أن آدم عليه السلام فضل على الملائكة؟ وهل فضل عليهم بسبب العلم (وعلم آدم الأسماء كلها)؟
وهل يعنينا معرفة هل فضل صالحو البشر على الملائكة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض أهل العلم أن الله تعالى فضل آدم، وصالحي ذريته، على الملائكة بسبب علمه.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: وآدم خلقه الله من طين، فلما سواه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شيء، وبأن خلقه بيديه؛ وبغير ذلك. فهو، وصالحو ذريته أفضل من الملائكة؛ وإن كان هؤلاء مخلوقين من طين؛ وهؤلاء من نور.
وهذه "مسألة كبيرة" مبسوطة في غير هذا الموضع؛ فإن فضل بني آدم هو بأسباب يطول شرحها هنا. وإنما يظهر فضلهم إذا دخلوا دار القرار: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} . والآدمي خلق من نطفة؛ ثم من مضغة؛ ثم من علقة، ثم انتقل من صغر إلى كبر، ثم من دار إلى دار، فلا يظهر فضله وهو في ابتداء أحواله؛ وإنما يظهر فضله عند كمال أحواله؛ بخلاف الملك الذي تشابه أول أمره وآخره. ومن هنا غلط من فضل الملائكة على الأنبياء، حيث نظر إلى أحوال الأنبياء. وهم في أثناء الأحوال. قبل أن يصلوا إلى ما وعدوا به في الدار الآخرة من نهايات الكمال. اهـ.
وقال ابن كثير في التفسير عند قوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها {البقرة:31}: هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة، بما اختصه به من علم أسماء كل شيء دونهم، وهذا كان بعد سجودهم له، وإنما قدم هذا الفصل على ذاك، لمناسبة ما بين هذا المقام، وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة، حين سألوا عن ذلك، فأخبرهم الله تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون؛ ولهذا ذكر تعالى هذا المقام عقيب هذا، ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم، فقال تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها}. اهــ .
وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، فقال بعضهم بتفضيل الملائكة، وقال بعضهم بتفضيل بني آدم، واستدلوا لذلك بأدلة كثيرة يطول ذكرها، تجدها مفصلة في فتح الباري، وفي القرطبي، وفي الحبائك للسيوطي.
وقد عقب القرطبي على الخلاف فقال: قال بعض العلماء: لا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة، أو أن الملائكة أفضل من الأنبياء؛ لأن طريق ذلك خبر الله تعالى، أو خبر رسوله صلى الله عليه وسلم، أو الإجماع، وليس ههنا شيء من ذلك. اهـ.
والله أعلم.