السؤال
نحن إخوة بنون وبنات ترك لنا أبونا عقارات تدر أموالا ليست بالكثيرة ولكن بعض الإخوة يضعون أيديهم عليها وعندما تخلى شقة بأي عقار يبيعونها ويأخذون المبلغ وحدهم دون باقي الورثة بحجة أنهم هم أصحاب الفضل في هذا الاستثمار. هل من نصيحة لهؤلاء وفيهم من حج بيت الله ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ما تركه أبوكم -مما ليس فرضا لوارث آخر أو دينا أو وصية في داخل الثلث- فهو بينكم للذكر منكم مثل حظ الأنثيين، كما قال الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين [النساء:11].
ويدخل في ذلك إيجار العقارات ما لم تقسم.
ولا يجوز لأي أحد من الورثة ولا من غيرهم أن يمنع وارثا حقه، ولا أن يتصرف في الموروث إلا بإذن الورثة جميعا إن كانوا بالغين رشداء، أو بإذن القاضي أو الوصي الشرعي إن كانوا غير بالغين أو غير رشداء .
وما فعله هؤلاء الإخوة يشتمل على مخالفتين عظيمتين:
الأولى: بيعهم للعقار مع عدم موافقة بقية الورثة كما يبدو من السؤال.
الثانية: أخذهم للثمن لأنفسهم على الرغم من أنه ليس لهم منه إلا قدر نصيبهم إذا جاز البيع أصلا.
وبناء على هذا فنقول لهؤلاء الإخوة: يجب عليكم أن تتوبوا إلى الله توبة نصوحا وتتقوه حق التقوى وتخافوا سوء عاقبة الظلم وأكل أموال الناس بالباطل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الظلم ظلمات يوم القيامة. متفق عليه.
ويقول أيضا: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد [هود:102]. متفق عليه.
واتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب يرفعها الله فوق الغمام ثم يقول الله جلا جلاله: لأنصرنك ولو بعد حين. كما ثبت في أحاديث في الصحيحين والمسند وغير ذلك.
ومن أردع ما يردع من كان يؤمن بالله واليوم الآخر قول النبي صلى الله عليه وسلم: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة. فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا، يا رسول الله؟ قال: "وإن قضيبا من أراك. والحديث أخرجه مسلم وغيره.
ويجب عليهم أن يردوا إليكم ما أخذوه مما ليس لهم فيه حق، ويستحلوكم فيما مضى من فعلهم قبل أن يباغت الموت ويصعب رد الحقوق، وقبل أن يكون التقاضي بالحسنات والسيئات.
فقد أخرج البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم - أي يوم القيامة - دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه.
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين [الأنفال:1].
بل ننصحكم جميعا بما تضمنته هذه الآية الكريمة.. فإنه لا خير في الفرقة والشقاق لما يترتب على ذلك من قطيعة الأرحام وتضييع الحقوق.
وإن استطعتم حل هذه القضية فيما بينكم فلا حرج أن توسطوا بينكم أهل الخير والإصلاح من ذويكم وهذا أحسن، فإن لم تستطيعوا فارفعوا القضية إلى المحاكم الشرعية لتفصل فيها.
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوالكم وأحوال المسلمين أجمعين.
والله أعلم.