السؤال
هناك زميل عنده شبهة في تكفير النصارى، وهي أنه يتعلل بقوله تعالي: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) وأن المسلم يحل له أن يتزوج منهم كما فعل بعض الصحابة إذن فهم ليسوا مشركين، وقد حاججته بأن تفسير هذه الآية يستثني أهل الكتاب، وذكرت له قوله (اليوم أحل لكم الطيبات... إلي نهاية الآية) وأيضا (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) فلان بعض الشيء، ولكن قال إن النص واضح وأن التفسير هو اجتهاد شخصي قد يحتمل الخطأ أو الصواب فنرجو تقديم نصيحة له، وأيضا كيف فسر المفسرون القرآن؟ هل هو اجتهاد شخصي أم استنادا على أقوال السلف؟
وما حكم شخص لا يبالي لأقوال المفسرين المجمع عليها وينكر كثيرا منها، هل بذلك هو ينكر القرآن؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء النص القاطع من القرآن ومن السنة والإجماع بكفر النصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو أشركوا مع الله غيره، أو جحدوا بنبوة نبي من الأنبياء وأن من دان بغير الإسلام فهو كافر، ودينه مردود عليه وهو في الآخرة من الخاسرين فقد قال الله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين {آل عمران:85}، وقال تعالى: إن الدين عند الله الإسلام {آل عمران:19}، وقال تعالى: يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون {آل عمران:70}، قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون {آل عمران:98}، وقال تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم {المائدة:72}، وقال تعالى: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون {التوبة:31}، وقال تعالى: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة {البينة:1}، قال الله تعالى: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا {النساء:150-151}.
فقوله حقا مصدر مؤكد يفيد الجزم بكفرهم فقد جاء في تفسير البيضاوي (2/ 106): أولئك هم الكافرون هم الكاملون في الكفر لا عبرة بإيمانهم هذا، حقا مصدر مؤكد لغيره أو صفة لمصدر الكافرين بمعنى: هم الذين كفروا كفرا حقا أي يقينا محققا. اهـ
وننصح هذا الشخص بالحذر من الوقوع فيما حذر منه العلماء من نواقض الإسلام، فقد عدوا منها القول بعدم كفر المشركين والشك في ذلك، قال القاضي عياض في كتابه الشفا، في سياق ذكره ما هو كفر بالإجماع: ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل أو توقف فيهم أو شك أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك. انتهـى
وجاء في الإقناع وشرحه من كتب الحنابلة في باب المرتد: أو لم يكفر من دان بغير الإسلام كالنصارى واليهود، أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم، فهو كافر؛ لأنه مكذب لقوله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [آل عمران 85]
ونكتفي بجواب سؤالك الأول، التزاما بنظام الموقع من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة يجاب السائل على الأول منها فحسب.
والله أعلم.