لا ملازمة بين الأخذ بالشدة وبين السب والخصام

0 148

السؤال

أسمع عن الحكمة في الأمور، وهي التصرف بين اللين والشدة، فكيف تكون هناك شدة بدون سب أو نهر أو وجود خصام بين الطرفين؟ وكيف تكون الشدة من الحكمة؟ أريد مثالا.
وجزاكم اله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تعني الحكمة التوسط بين اللين والشدة، وإنما تعني استعمال كل شيء في موضعه المناسب، وقد قرب ابن القيم في كتابه مدارج السالكين معنى الحكمة، فقال إنها: فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي. اهـ.

فإذا تقرر هذا، فليس من الحكمة استعمال اللين إذا كانت المصلحة تقتضي الشدة، وكذلك العكس، كما قال الشاعر المتنبي:

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا    * مضر كوضع السيف في موضع الندى!.

وأما سؤالك: كيف تكون الشدة من الحكمة؟ وكيف تكون بغير ضرب أو سب ... إلخ؟ فالجواب: أولا: لا تلازم بين الأخذ بالشدة في موضعها وبين السب والخصام، ثم إن الشدة في موضعها نوع من الحزم، وهو ضرب من التربية خال من التجريح والإهانة، قال أبو تمام

فقسا ليزدجروا, ومن يك حازما    * فليقس أحيانا على من يرحم!.

ومن أمثلة الشدة الخالية من التجريح والسب والإيذاء البدني: الهجر، فالهجر من شخص عظيم الشأن قد يكون من أشد العقوبات عند ذوي الأحاسيس المرهفة والنفوس الكريمة، كما في قصة الثلاثة من الصحابة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، فهجرهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة خمسين يوما تعزيرا لهم، قال الله تعالى: وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم {التوبة:118}.

ومن أمثلة الشدة والحزم المشتملان على الحكمة: حمية المريض مما يضره كرها عليه، وحرمان الأطفال من بعض الملذات تأديبا، ومنعهم من اللعب وقت الجد والاختبارات، وغير ذلك.

والله أعلم.

 
 
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة