قطع الإمام الصلاة وضرب الأولاد العابثين فتقدم أحد المأمومين وأكمل الصلاة.. الأحكام المترتبة

0 155

السؤال

إمام مسجد كان يصلي بالناس، وهو ساجد سمع أصوات أولاد صغار يلعبون في الصف الأول، فقام وترك الصلاة وضرب الأولاد، فتقدم أحد المأمومين وحل محل الإمام وأكمل الصلاة، وعاد الإمام وأكمل الصلاة مع المأمومين. فهل فعل الإمام صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فما فعله هذا الإمام خطأ عظيم، يتنافى مع حرمة الصلاة، لا سيما أمام الصغار الذين ينبغي أن يتربوا على أن للصلاة قدسية، لا سيما صلاة الجماعة، ولا تقطع لأتفه الأسباب، وقد قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم {محمد:33}.

وهذه الصلاة لو كانت فريضة -وهو الظاهر- أثم هذا الرجل بقطعها لهذا السبب، دون خلاف نعلمه في ذلك.

أما إن كانت نافلة: فهو آثم أيضا عند الحنفية والمالكية، ولم يأثم عند الشافعية والحنابلة، إلا أنه فعل مكروها أو خالف الأولى.

أما كونه ضرب الأولاد: فهذا أيضا قد يكون خطأ مستقلا بنفسه، فإنه إن لم يكن وليهم، أو مأذونا له بضربهم من أوليائهم، لم يجز له ضربهم، وقد صرح بذلك فقهاء الشافعية والحنفية.

قال الخطيب في "مغني المحتاج": [للمعلم أن يؤدب من يتعلم منه، لكن بإذن الولي]. اهـ.

وقال الكاساني في "بدائع الصنائع": [ولو ضربه المعلم أو الأستاذ فمات؛ إن كان الضرب بغير أمر الأب أو الوصي يضمن؛ لأنه متعد في الضرب]. اهـ.

وهذا في المعلم الذي يسلمه الأب ولده للتعليم، فكيف بإمام راتب لم يأذن له الأولياء بضرب أولادهم؟!

وأما ما فعله المأمومون خلفه من استخلاف مأموم منهم بعد أن بطلت صلاة إمامهم، فهو عمل صحيح، ما داموا فعلوا ذلك قبل أن يأتوا بركن من أركان الصلاة دون إمام.

وقد اختلف أهل العلم فيما إذا بطلت صلاة الإمام، هل تبطل صلاة المأمومين مطلقا أم لا تبطل بل يستخلفون؟ والراجح الثاني؛ لأن عمر -رضي الله عنه- لما طعن أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فأتم بهم الصلاة، وكان ذلك بمحضر من الصحابة وغيرهم، ولم ينكره منكر.

قال زكريا الأنصاري في "شرح الروض": [فصل: وإن بطلت صلاة للإمام، أو أبطلها عمدا، جمعة كانت أو غيرها، بحدث أو غيره، فاستخلف هو أو المأمومون قبل إتيانهم بركن، شخصا صالحا للإمامة بهم، مقتديا به قبل حدثه، ولو صبيا أو متنفلا، جاز]. اهـ.

أما الإمام: فله بعد أن قطع صلاته أن يستأنف الصلاة من جديد كأحد أفراد الجماعة، ولا يصح أن يبني على ما فعل من صلاته قبل قطعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة