السؤال
أنا أم لعدة أبناء، ولا أجد وقتا إلا لخدمتهم وخدمة البيت، فهل يمكن أن أعدد النوايا في خدمتهم، مثل أن أنوي بقضاء حوائجهم قضاء حوائج المسلمين، وبإطعامهم إطعام الطعام، وبالدعاء لهم الدعاء بظهر الغيب، وبإغاثتهم إغاثة الملهوف، وهكذا؟ وهل يمكن أن تذكروا لي نية صالحة يكون ثوابها أكبر في تربية الأبناء والحياة عموما؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت باستحضار هذه النوايا؛ فأولادك جزء من المسلمين، فالأصل أنه يشرع لهم من الإحسان ما يشرع للمسلمين، بل هم أولى بالخير، وقد روى البخاري في صحيحه: أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم.
وقد بوب البخاري بما يشير إلى ذلك، فقال: باب: ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة ـ ثم ساق بإسناده عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها، فهو له صدقة.
قال ابن بطال في شرح البخاري: إذا أنفق الرجل على أهله، وهو يحتسبها، فهو له صدقة، وحديث سعد: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أجرت عليها ـ ألا ترى أنه جعل الأجر في هذين الحديثين المنفق على أهله بشرط احتساب النفقة عليهن، وإرادة وجه الله بذلك، وبهذا المعنى نطق التنزيل، قال تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين {البينة: 5} الآية. انتهى.
فلا بد من النية في مثل ذلك، فإن غفل المرء عن النية، فلا أجر له فيما لم ينوه، قال الفتوحي في شرح مختصر التحرير: ومنه ـ أي: من الواجب ـ ما لا يثاب على فعله، كنفقة واجبة، ورد وديعة وغصب، ونحوه، كعارية، ودين، إن فعل ذلك مع غفلة؛ لعدم النية المترتب عليها الثواب. انتهى.
فهذه الأمور التي ذكرتها إن احتسبت الأجر، رجونا لك عظيم الثواب -إن شاء الله-.
وقد كان بعض السلف يستحضر النية في هذه العادات، أخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: والله، إني لأكره نفسي على الجماع؛ رجاء أن يخرج الله مني نسمة تسبح الله.
ويمكن أن نستفيد من هذا الأثر نية عظيمة، وهي نية مساعدة وإطعام من يرجى أن يعبد الله، ويسبحه.
ومن النوايا الصالحة: نية كف الأذى عن المسلمين بتربية الأبناء على أن يكونوا صالحين لا يؤذون الناس.
وراجعي للفائدة الفتوى: 120361.
والله أعلم.