السؤال
هل أي كلام غير لين مع الأبوين، يعتبر عقوقا؛ فأحيانا أكون منزعجة جدا، وعصبية، ولكن لا أعني أني أصرخ عليهما، فقط بنبرة يظهر فيها الانزعاج، وغالبا لا أسيطر على نفسي؟
وهل يجب أن أستسمحهما فورا، إذا كان استسماحي لهما يجعلهما يتهاونان في حقي؟
هل أي كلام غير لين مع الأبوين، يعتبر عقوقا؛ فأحيانا أكون منزعجة جدا، وعصبية، ولكن لا أعني أني أصرخ عليهما، فقط بنبرة يظهر فيها الانزعاج، وغالبا لا أسيطر على نفسي؟
وهل يجب أن أستسمحهما فورا، إذا كان استسماحي لهما يجعلهما يتهاونان في حقي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والداك يتأذيان بهذه الطريقة في الكلام، تأذيا ليس بالهين، لم يجز لك مخاطبتهما بها، ووجب عليك استسماحهما إذا حصل منك هذه الأذية لهما. وأما إن كانا لا يتأذيان بذلك، فليس هذا من العقوق.
قال الحافظ ابن الصلاح في فتاويه: وأما أن العقوق ما هو: فإنا قائلون فيه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه، تأذيا ليس بالهين، مع كونه ليس من الأفعال الواجبة. انتهى.
ونقل العيني عن السبكي أن ضابط العقوق هو إيذاؤهما بأي نوع كان من أنواع الأذى. قل أو كثر، نهيا عنه، أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران، أو ينهيان بشرط انتفاء المعصية في الكل. انتهى.
وعلى كل حال، فاجتهدي في بر أبويك، وخفض جناحك لهما، ومخاطبتهما بالقول اللين غير الحاد، ولا المتشنج امتثالا لأمر الله: وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة {الإسراء:23-24}.
قال ابن كثير رحمه الله: وقوله: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف: أي لا تسمعهما قولا سيئا حتى ولا التأفيف، الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا تنهرهما: أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن رباح في قوله: ولا تنهرهما أي لا تنفض يدك عليهما، ولما نهاه عن القول القبيح، والفعل القبيح، أمره بالقول، والفعل الحسن، فقال: وقل لهما قولا كريما أي لينا طيبا، حسنا بتأدب وتوقير وتعظيم، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة: أي تواضع لهما بفعلك، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا: أي في كبرهما، وعند وفاتهما. انتهى.
فقولك إنك لو استسمحتهما أدى ذلك إلى تهاونهما بحقك، هو من تلبيس الشيطان عليك، فالذي ينبغي لك أن تجتهدي في بر والديك، وتجنب إسخاطهما، والحرص على رضاهما بكل ممكن، وذلك محقق لك سعادة الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.