ليس من حق والد الزوجة أخذها إلى بيته من غير إذن الزوج ورضاه

0 280

السؤال

ما حكم الزوجة التي عاشت عيشة رضية مع زوجها، في بيت مستقل، وميسور الحال -ولله الحمد-، وكان الحب والود أساس العلاقة، ورغم تقصير الزوجة في حق زوجها في أمور البيت، وفي حقه بعدم طاعته، ورفع صوتها، أو معارضة كلامه بحجة أنها لها شخصية مستقلة، ولكن كل ذلك لم يعكر صفو الحياة؛ لأن الزوج يعرف حق المعرفة أنه لا أحد كامل في الدنيا، ولم يلق للأمر بالا، ولكن من كثرة دلالها المفرط لا ترضى أبدا بكسر كلمتها، بل تعتقد أنه إن لم يستجب الزوج لمطالبها فهو يكرهها، خاصة فيما يتعلق بذهابها لبيت عائلتها التي لا تكاد تتوقف عن الكلام معهم عبر الهاتف، رغم تحذير الزوج من مغبة كثرة الكلام، وإفشاء السر العائلي، فكان الزوج ينهاها، وينصحها لمرات عديدة، ولكنها تزيد في الأمر سوءا، فيهجرها في المضجع، وأحيانا يرفع يده عليها ليس انتقاما، بل تأديبا، ولا يكاد يفعل حتى يسارع لإرضائها، ولكنها تعتقد أنه إن رفع الزوج يده على المرأة فهو يكرهها، وعليه اتهمته بسوء العشرة الزوجية، خاصة بعد شجار وقع بين الزوج ووالدها بعد عشرة أيام من إنجابها للابن الأول، فأتت عائلتها لأخذ البنت بالقوة، رغم رفض الزوج لهذا الأمر، محتجين أنه من عاداتهم أخذ الزوجة بعد ولادتها، وهذا أمر مرفوض من طرفي، فزوجتي تكثر من الدلال، فلا تستطيع حتى إرضاع الطفل، وتكثر من التمارض، والدلال، وهي تريد أمها لتتحمل المسؤولية في مكانها، وليس هكذا تبنى البيوت، فرغم توفير كل شيء للزوجة من علاج، وأكل، وراحة، فهي تتدلل، وتكثر من المشاكل فقط لزيارة أهلها، ونقل الطفل الرضيع لعشرات الكيلومترات بعيدا عن والده الذي حتى لم يشبع من رؤية ابنه الأول، ولقد أوضح الزوج لوالدها الأمر، وأبدى تقبلا للموضوع، ولكنه بلا شخصية، وتأثر بكلام زوجته، ودلال ابنته، وعاد بعد يومين لأخذها بالقوة؛ مما جعل شجارا كبيرا ينشب بينهما.
ذهبت الزوجة ولم تعد، ورغم إرسال الزوج لإخوته، ومجموعة من الرجال الصالحين، والإمام المفتي عدة مرات قوبل بالرفض، وقال: إنه لن يردها حتى وإن كانت تريد العودة؛ تكبرا، وتجبرا ويريد إذلال الزوج بمجيئه.
طلبت الخلع بلا سبب، واحتجت في ذلك بسب الزوج لوالدها، رغم أن الوالد هو من قلل احترام الزوج في بيته في ثاني أيام العيد الأضحى.
وفي المحكمة وافقت الزوجة على العودة، ورفض والدها أمام القاضي، والقوانين في بلدي وضعية مختلطة، لا تحتكم بالأساس إلى شرع الله، وقوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية.
أما الآن فالزوجة تريد العودة بعد 20 شهرا، ولكن بشرط إذلال الزوج أمام أهلها، وطلبه الإذن من والدها، رغم أن الزوج حاول العديد من المرات بلا فائدة مع والدها الذي شهد كل الشهود أنه غير متزن، وعديم الحكمة، ومتكبر؛ لدرجة أنه قال بالكلمة الواحدة: إن ابنته تريد العودة، وهو لن يعيدها.
لذا اقترح الزوج عودتها عن طريق عمها، أو خاله، أو أي من إخوتها، وقبل ذلك الذهاب إلى الإمام ليحكم بينهما، ويبين الخطأ والصواب لكنها رفضت، واشترطت ذهابي لبيتها، وهذا أمر مستبعد، فلقد أهينت عائلتي عدة مرات أمام أهلها، ولن يتكرر الأمر.
هل أخطأ الزوج في طلبها إلى الإمام ليحكم بيننهم؛ لعدم وجود من يرجى صلاحه في أهلها؟
وبخصوص الابن فلم يتمكن الزوج من رؤيته بسبب تعنت الزوجة، وكثرة المشاكل، وبعد المسافة، وصغر سن الرضيع، ولكنه يوفر له كلا من بدل الإيجار للبيت، والأكل، والدواء، ومختلف المصاريف الأخرى، فهل يأثم الوالد؟
وهل يأثم إن انتزع الولد من والدته بعد انتهاء الرضاعة بنفس الأحكام الوضعية، التي استعملتها ضد الزوج لطلب الخلع بلا مسوغ شرعي، علما أنها تعمل الآن، وتترك الطفل في البيت بلا رعاية.
والسؤال الذي حيرني: هل هي طالق الآن رغم رفض الزوج الطلاق، ولا وجود لسبب شرعي للطلاق، ولم تقر بكره الزوج، بل العكس.
أعلم أني أطلت، ولكن يعلم الله كم تهمني الإجابة الشافية عن هذه الأسئلة لأتمكن من المضي قدما -بارك الله فيكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد ذكرت عن زوجتك جملة أمور منكرة - إن ثبتت عنها - فإنها تدل على معصية ربها، ونشوزها، فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تطيعك في المعروف، وإلا كان لك الحق في تأديبها على النحو الذي جاء به الشرع، وقد بيناه في الفتوى رقم: 1103.

 ومن أكبر الخطأ تدخل الوالدان، أو أحدهما على وجه يكون له آثار سلبية على العلاقة بين الزوجين، فإن كان لا بد من التدخل، فليكن على وجه يؤدي إلى الإصلاح، لا أن يؤدي إلى الإفساد.

وليس من حق والد زوجتك أخذها إلى بيته من غير إذنك، ورضاك، ولكن إن كان للناس عادة في ذلك، فينبغي أن تراعى، خاصة أن المرأة خلال فترة النفاس ربما احتاجت إلى إعانة أمها لها.

 وليس من حق والدها أيضا أن يرفض رجوعها إليك، ولا يلزمك استئذانه في رجوعها، بل يجب على زوجتك طاعتك، وإن رفض والدها، فإن الزوجة بعد دخول زوجها بها طاعتها لزوجها، لا لأبيها.

  جاء في تحفة المحتاج -في الفقه الشافعي- عند الكلام عن موجبات النفقة، ومسقطاتها قوله: والخروج من بيته ـ أي: من المحل الذي رضي بإقامتها فيه ـ ولو ببيتها، أو بيت أبيها ـ كما هو ظاهر ـ ولو لعبادة، وإن كان غائبا - بتفصيله الآتي - بلا إذن منه، ولا ظن رضاه، عصيان، ونشوز؛ إذ له عليها حق الحبس في مقابلة المؤن.... اهـ.
 وطلب تدخل العقلاء من الناس - إمام المسجد، أو غيره - هو عين الحكمة، فإن رب العزة والجلال قد ندب إلى التحكيم في حال الشقاق، فقال: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا {النساء:35}، ومن يبتغي الإصلاح لا يرفض سلوك هذا السبيل.

ولا يلزمك شرعا إتيانها في بيتها لإرجاعها، إلا أن تشاء بطيب نفس منك.

ونوصي بالاستمرار في توسيط العقلاء من أهلك، وأهلها -عسى أن يتم الإصلاح-.

فإن لم يتم ذلك، وأصرت هي، أو أبوها على عدم الرجوع إلى البيت، فانظر في أمر تطليقها، فمثلها قد يندب تطليقها، ولك الحق في أن تمتنع عن مفارقتها؛ حتى تفتدي منك بمال، وانظر الفتوى رقم: 124796، والفتوى رقم: 113289.

وأما طلبها الخلع، فلا يجوز إلا لمسوغ شرعي، كما هو مبين في الفتوى رقم: 276688.

وإذا لم يحصل الطلاق، أو الخلع، فالأصل بقاء الزوجية.

والزوجة الناشز تسقط نفقتها، كما بينا في الفتوى رقم: 159665، وفيها بيان خلاف الفقهاء في نفقة الحامل الناشز .

وأما هذا الابن فنفقته واجبة عليك، ومن قام بالواجب فلا إثم عليه، وانظر الفتوى رقم: 182617.

وننبه هنا إلى أن للمرضع الحق في الأجرة، وتراجع الفتوى رقم: 31165.

وحضانة الطفل حال قيام الزوجية، حق للوالدين معا، وعلى كل تقدير - أي: حال الاجتماع، أو الافتراق - فلكل منهما الحق في رؤيته، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 97068.

والتحاكم للقوانين الوضعية محرم إلا لضرورة، فمن له حق لم يمكنه استخلاصه إلا من هذا السبيل، كان له ذلك، ولكن لا يجوز له أخذ ما لا يستحقه.

 والحضانة عند اجتماع الأبوين قد علمنا حكمها، وإذا افترقا فالحضانة حق للأم، ما لم تتزوج، أو يقم بها مانع شرعي، وراجع الفتوى رقم: 6256.

ولا ريب في أن مصلحة المحضون هي المعول عليه في الحضانة، فإن اختل في الزوجة شيء من شروط الحاضن، فيمكنك أن تستند إلى ذلك لإسقاط حضانته عنها، وراجع الفتوى رقم: 133906، ورقم: 9779.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى