قدر القراءة في صلاة التراويح

0 205

السؤال

ما حكم من يصلي خلف إمام في صلاة التراويح لا يتجاوز الآية والآيتين في كل ركعة؟ هل هناك حد للطول والقصر في تلاوة الآيات في الصلاة؟ وأيضا التزام الإمام بتلاوة آية سورة البقرة (شهر رمضان...) وما بعدها (وإذا سألك عبادي) في الركعتين السابعة والثامنة في صلاة التراويح يوميا؟
جزاكم الله خيرا، وأثابكم على حسن صنيعكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فأما من حيث صحة الصلاة فإن من يصلى التراويح بآية أو آيتين بعد الفاتحة فصلاته صحيحة مجزئة، ولم يحد النبي صلى الله عليه وسلم قدرا معينا من الآيات يقرأ في صلاة التراويح، قال الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ في قيام رمضان:
وأما القراءة في صلاة الليل في قيام رمضان أو غيره, فلم يحد فيها النبي صلى الله عليه وسلم حدا لا يتعداه بزيادة أو نقص, بل كانت قراءته صلى الله عليه وسلم فيها تختلف قصرا وطولا, فكان تارة يقرأ في كل ركعة قدر {يا أيها المزمل} , وهي عشرون آية, وتارة قدر خمسين آية, وكان يقول: "من صلى في ليلة بمئة آية لم يكتب من الغافلين" وفي حديث آخر: " ... بمئتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين" وقرأ صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض السبع الطوال, وهي سورة {البقرة} , و {آل عمران} , و {النساء} , و {المائدة} , و {الأنعام} , و {الأعراف} , و {التوبة} وفي قصة صلاة حذيفة بن اليمان وراء النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة {البقرة} ثم {النساء} ثم {آل عمران} , وكان يقرؤها مترسلا متمهلا... انتهى. 
إلا أننا نرى أن قراءة الإمام بآية أو آيتين في التراويح خلاف ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين رحمهم الله تعالى في هذا الشهر المبارك شهر القرآن، فقد كانوا يطيلون التراويح كما روى مالك في الموطأ عن السائب بن يزيد؛ أنه قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة ، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام. وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
وروى البيهقي والنسائي في السنن الكبرى وابن أبي شيبة في المصنف عن أبي عثمان النهدي قال: دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلاث قراء فاستقرأهم، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ للناس ثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ خمسا وعشرين، وأمر أبطأهم أن يقرأ للناس عشرين آية.
ولا شك أن تخفيف الإمام على المأمومين أمر مطلوب شرعا، وقد ورد عن السلف أنهم قرؤوا أقل مما ذكرنا، ولكن ليس بالآية والآيتين، وقد أنكر أحد السلف تقليل القراءة في التراويح، فقد ذكر الإمام محمد بن نصر المروزي ـ رحمه الله تعالى ـ في قيام الليل عن الإمام الأعمش ميمون بن مهران رحمه الله قال: أدركت القارئ إذا قرأ خمسين آية قالوا: إنه ليخفف، وأدركت القراء في رمضان يقرءون القصة كلها قصرت أو طالت. فأما اليوم فإني أقشعر من قراءة أحدهم، يقرأ: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون} [البقرة: 11] ثم يقرأ في الركعة الأخرى {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7], {ألا إنهم هم المفسدون} [البقرة: 12]. اهـــ
وذكر أيضا: عن عبد الرحمن بن القاسم رحمه الله: سئل مالك عن قيام رمضان , بكم يقرأ القارئ؟ قال: بعشر عشر, فإذا جاءت السور الخفيفة فليزدد, مثل الصافات, وطسم، فقيل له: خمس؟ قال: بل عشر آيات، أبو داود: سئل أحمد عن الرجل يقرأ القرآن مرتين في رمضان يؤم الناس, قال: هذا عندي على قدر نشاط القوم وإن فيهم العمال, وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: أفتان أنت... اهــ
وليس من السنة التزام الإمام قراءة آيات معينة في الركعة السابعة والثامنة أو غيرها من التراويح والمداومة على ذلك ربما يدخل في حيز البدعة، قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ في كتاب الاعتصام: ومنها ـ أي البدعة ـ التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة. اهــ ، وانظر للمزيد الفتوى رقم: 6849، والفتوى رقم: 54397.

والله تعالى أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة