0 289

السؤال

ما هي الشفاعة الشركية؟ هل اعتقد العرب أن آلهتهم تنصرهم من الله، أو أنه يخشاهم ؟

الإجابــة

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الشفاعة الشركية عرفها الشيخ العثيمين بقوله: الشفاعة الشركية: وهي ما يعتقده المشركون في آلهتهم، حيث يتقربون إلى هذه الآلهة بالقربى، ويدعون أنهم يريدون بذلك أن تشفع لهم. وليست بنافعة لهم؛ لأن الله لا يمكن أن يأذن لها إن كانت هذه الأصنام ممن يكرهه الله، ولا يمكن أن يأذن لهذه الآلهة إذا كان هؤلاء ممن لا يرتضيهم الله، فالذين يعبدون عيسى ليشفع لهم، فإنه لا يمكن أن يشفع عيسى لهم؛ لأن الله لا يأذن بالشفاعة -حسب خبره عز وجل- حيث إن هؤلاء الذين يعبدون عيسى لا يرضاهم الله، وإن كان عيسى يرضاه الله عز وجل، لكن هؤلاء المشفوع لهم لا يرضاهم الله عز وجل، فلا يمكن أن تتحقق الشفاعة، وهذه الشفاعة تكون شركية. ونحن نقول: إن هذه شفاعة تنزلا مع هؤلاء الذين يقولون: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) (يونس: الآية18) ، وإلا فهي في الحقيقة شرك؛ لأنهم يعبدون هذه الأصنام، ويدعون أنها تشفع لهم. اهـ  من شرح العقيدة السفارينية  للشيخ ابن عثيمين.

 وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة، ومنشور ولاية العلم، والإرادة: تعطيل الأسباب، وإخراجها عن أن تكون أسبابا تعطيل للشرع، ومصالح الدنيا. والاعتماد عليها، والركون إليها، واعتقاد أن المسببات بها وحدها، وأنها أسباب تامة شرك بالخالق عز وجل، وجهل به، وخروج عن حقيقة التوحيد، وإثبات مسببيتها على الوجه الذي خلقها الله عليه، وجعلها له، إثبات للخلق، والأمر للشرع والقدر للسبب والمشيئة للتوحيد والحكمة. فالشارع يثبت هذا ولا ينفيه، وينفي ما عليه المشركون من اعتقادهم في ذلك، ويشبه هذا نفيه سبحانه وتعالى الشفاعة في قوله: واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل. وفي الآية الأخرى: ولا تنفعها شفاعة. وفي قوله: من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة. وإثباتها في قوله: ولا يشفعون إلى لمن ارتضى. وقوله: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه. وقوله: لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا. فإنه سبحانه نفى الشفاعة الشركية التي كانوا يعتقدونها، وأمثالهم من المشركين، وهي شفاعة الوسائط لهم عند الله في جلب ما ينفعهم، ودفع ما يضرهم بذواتها وأنفسها بدون توقف ذلك على إذن الله، ومرضاته لمن شاء أن يشفع فيه الشافع. فهذه الشفاعة التي أبطلها الله سبحانه، ونفاها، وهي أصل الشرك كله، وقاعدته التي عليها بناؤه، وأخبيته التي يرجع إليها، وأثبت سبحانه الشفاعة التي لا تكون إلا بإذن الله للشافع، ورضاه عن المشفوع: قوله، وعمله وهي الشفاعة التي تنال بتجريد التوحيد، كما قال: أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه. والشفاعة الأولى، هي الشفاعة التي ظنها المشركون، وجعلوا الشرك وسيلة إليها. اهـ.

وقد كان الكفار يعتقدون في آلهتهم النصر والنفع، وقد أنكر الله ذلك عليهم، وبين أنهم لا يستطيعون شيئا من ذلك، فقال تعالى: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون {يونس:18}، وقال: ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون {النحل:73}، وقال: واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا {مريم:81}، وقال: واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون* لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون {يس:74 - 75}.
وأما عن كونهم يعتقدون أن الله يخشى آلهتهم، فلم نطلع على ما يدل عليه.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة