السؤال
مسألة الجنة من وجهة نظر أهل البدع وأهل السنة؛ فكل فريق يرى أحقيته بها، فهل وجهة نظرهما صائبة أم خاطئة؟
مسألة الجنة من وجهة نظر أهل البدع وأهل السنة؛ فكل فريق يرى أحقيته بها، فهل وجهة نظرهما صائبة أم خاطئة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعوى استحقاق الجنة لا تقتصر على أصحاب النحل، بل تتعداها إلى أهل الملل، فكل ينسب نفسه للهداية، ويدعي أن مصيره إلى الجنة!
وهذه الدعوى لا تنفع أصحابها إلا إن وافقت حكم الله تعالى الذي يفصل بين العباد يوم القيامة؛ قال تعالى: {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} [البقرة: 135]، وقال -عز وجل-: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [البقرة: 111، 112].
قال السعدي: حكموا لأنفسهم بالجنة وحدهم، وهذا مجرد أماني غير مقبولة، إلا بحجة وبرهان، فأتوا بها إن كنتم صادقين. وهكذا كل من ادعى دعوى، لا بد أن يقيم البرهان على صحة دعواه، وإلا فلو قلبت عليه دعواه، وادعى مدع عكس ما ادعى بلا برهان لكان لا فرق بينهما، فالبرهان هو الذي يصدق الدعاوى أو يكذبها، ولما لم يكن بأيديهم برهان، علم كذبهم بتلك الدعوى. ثم ذكر تعالى البرهان الجلي العام لكل أحد، فقال: {بلى} أي: ليس بأمانيكم ودعاويكم، ولكن {من أسلم وجهه لله} أي: أخلص لله أعماله، متوجها إليه بقلبه، {وهو} مع إخلاصه {محسن} في عبادة ربه، بأن عبده بشرعه، فأولئك هم أهل الجنة وحدهم. {فله أجره عند ربه} وهو الجنة بما اشتملت عليه من النعيم، {ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فحصل لهم المرغوب، ونجوا من المرهوب. ويفهم منها: أن من ليس كذلك، فهو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول. اهـ.
فهذا هو الميزان الذي يحكم به على أصحاب كل مذهب أو منهج بالجنة أو النار، وهو اقتفاء أثر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على وجه الإخلاص لله تعالى.
والله أعلم.