السؤال
أنا أعيش في إحدى الدول الأجنبية، وأحب أن أقوم بالدعوة إلى عبادة الله وتوحيده، حيث إن هذا البلد يسكن فيه خليط من أكثر بلدان العالم، ونسبة المسلمين فيها قليلة بالمقارنة مع عدد سكانها الغير مسلمين، لكن ليست عندي قابلية كلام والعلم الشرعي الكافي للمناظرة أو المجادلة مع غير المسلمين، ولكن خطرت لي فكرة أستطيع من خلالها توصيل الدعوة إلى الله، وهي من خلال صندوق البريد البيتي، حيث إن لكل بيت وشقة ومكان عمل صندوق توضع فيه الرسائل (مثل: الفواتير، ورسائل، أو أوراق معاملات دوائر). والطريقة التي رأيتها مناسبة هي استنساخ بعض الآيات القرآنية التي تدعو إلى توحيد الله، وتبين أن النبي عيسى -عليه وعلى نبينا وحبيبنا أفضل الصلاة وأتم التسليم- بشر وعبد لله -عز وجل-، وأنه نبي، مع كتابة الترجمة باللغة الإنكليزية لكل آية، ووضع هذه الورقة في ظرف ووضعها في صندوق رسائل البيوت قدر المستطاع.
سؤالي هو: ماذا لو أن الأشخاص الذين يقرؤون هذه الورقة التي تحتوي على الآيات القرآنية مع ترجمتها لو قاموا بتمزيقها أو إلقائها في حاوية النفايات أو الدوس عليها أو حرقها؟ وهل سأكون أنا آثما ومذنبا ويقع علي وزر هذا الفعل في هذه الحالة أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصا على الخير ورغبة فيه، وما تنوي أن تفعله أمر حسن نرجو أن يكتب الله لك به الأجر، وقد بينا في الفتوى رقم: 122812 أن تمكين الكافر من الاطلاع على بعض الآيات مع تفسيرها من أجل دعوته إلى الله ونحو ذلك مما لا بأس به، ولا إثم عليك أنت إذا فعل الكفار بهذه الأوراق ما لا يجوز، بل التبعة عليهم هم، والعقوبة لاحقة لمن فعل ذلك، كما لحقت كسرى حين مزق كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال الشيخ/ ابن باز -رحمه الله-: ولا يجوز لمن يتسلم البطاقة التي فيها ذكر الله أو آية من القرآن أن يلقيها في المزابل أو القمامات أو يجعلها في محل يرغب عنه، وهكذا الجرائد وأشباهها لا يجوز امتهانها، ولا إلقاؤها في القمامات، ولا جعلها سفرة للطعام، ولا ملفا للحاجات؛ لما يكون فيها من ذكر الله -عز وجل-، والإثم على من فعل ذلك، أما الكاتب فليس عليه إثم. انتهى.
ولو أمكن أن تكتب تنبيها على ضرورة احترام تلك الأوراق وعدم امتهانها وإلقائها في القمامة لكان حسنا.
وعلى كل حال؛ فإن تلك المفسدة المتوهمة لا تقاوم المصلحة العظيمة المرجوة من دعوة الكفار وتبليغهم الدين وإقامة حجة الله عليهم.
والله أعلم.