ماهية الإعانة على الإثم

0 128

السؤال

أعيد على حضراتكم سؤالي مرة أخرى بعد إحالتي على ما لم أجد فيه إجابة لهذا الموقف تحديدا؛ لكونه مختلفا عما أحلتموني عليه، وأوضح لحضراتكم الفارق.
أولا: السؤال كان برقم: 2574311، وكان نصه: "سؤالي هو عن التعاون على المعصية؛ حيث يظهر لي هذا الإشكال في كثير من المعاملات اليومية، وأسألكم هنا عن موقفين:
1- لي أخ يعمل في الفوركس, وأنا لا أود الاشتراك معه في هذا العمل, ونحن في منزل واحد، واشتراك الإنترنت واحد، وأحيانا يتوجب صيانة هذا الإنترنت، أو دفع الاشتراك، فهل أكون مشتركا في إثم عمله (إن كان هناك إثم) إذا قمت أنا بدفع الاشتراك، أو صيانة خط الإنترنت على سبيل المثال؟ مع العلم أنني لو لم أدفع الاشتراك، فقد لا يدفعه أحد، ومن ثم ينقطع الإنترنت عني أنا أيضا.
2- هل علي إثم إن قمت بشراء هاتف محمول، أو صيانته لأحد وأنا أعلم أنه يستخدمه أحيانا في تهنئة النصارى في أعيادهم؟ وهل أكون بهذا مشاركا في هذا العمل؟
أخيرا: ما هو الضابط في المعاونة على الإثم؟ أنا لا أعرف لأي حد يجب عدم التعاون مع من يقوم بعمل حرام، فهل -مثلا- يجب ألا أساعده في أي شيء، أو أقدم له طعاما، أم ما هو الضابط تحديدا -جزاكم الله خيرا-؟
أما سؤالي عن موقف الهاتف المحمول فالإجابات التي أحلتموني عليها كانت بها الإجابة، وجزاكم الله خيرا، أما ما فوق هذا السؤال، وما تحته فلا.
على سبيل التوضيح فقط: أحلتموني على الفتوى رقم: 246664، والسائل فيها يسأل عن أنه بالفعل قد اشترى جهاز كمبيوتر هو وأخوه (هذا وقع بالفعل، وكانت الإجابة عن ماذا يفعل بعد وقوع الأمر بالفعل, أما سؤالي فمختلف لأنه اشتراك في الإنترنت يجدد كل فترة).
وفي نفس الفتوى إحالة على فتوى أخرى برقم: 221005، وهي حالة شبيهة إلى حد ما بحالة سؤالي، لكن الفتوى تحتاج لمزيد من الإيضاح؛ ففيها: (... وبناء عليه؛ فإنه يلزم منعهم من الحرام من باب تغيير المنكر، ووقاية الأهل من النار، فإن أمكن إقناعهم بتوظيف هذه التقنية فيما يفيد، وتجنب المعصية، فهذا أفضل، فإن لم يستجيبوا فعليك أن تحاولي القيام بوسيلة تمنعينهم بها من ذلك، فاجعلي رقما سريا يمنع من تشغيل الإنترنت، واكتميه عنهم).
لكن هذه الإجابة غير ممكنة في حالتي؛ حيث لا يمكنني منع أخي من هذا بأي شكل من الأشكال, تقنيا، أو فنيا، نعم أستطيع, لكن واقعيا، أو عمليا لا أستطيع, فكيف أمنعه عنه، أو أجعل عليه رقما سريا، وهو ليس ملكا لي أصلا؟! فأهلي هم من يدفعون ثمنه، وأنا فقط أذهب، وأجدد الاشتراك، أو أقوم بالصيانة، وكما قلت: لو لم أدفع الاشتراك فقد لا يدفعه أحد، ومن ثم ينقطع الإنترنت عني أنا أيضا, أو إذا تركته بلا صيانة فيمكن أن يظل على حالة سيئة.
أما النقطة التي ذكرتها أنا أخيرا في نهاية نص السؤال السابق: فهي بحاجة إلى جواب أيضا.
اعذروني على الإطالة، ولكن وجب التوضيح، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا ثبت أن أخاك يستخدم الإنترنت في أشياء محرمة، فعليك نصحه، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بحسب استطاعتك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.

وإذا استجاب لك فنعما هي، وإن لم يستجب فقد أديت ما عليك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ومن ثم؛ فلا يلحقك شيء من استخدامه للإنترنت في الحرام، حيث لا يمكنك منعه من ذلك كما أوضحت، وإذا قمت بتجديد الاشتراك، أو الصيانة فلا تعد بذلك معينا له على الحرام؛ لأن المقصود من ذلك هو إعانة نفسك وأهلك في الاستخدامات المباحة للإنترنت، لا إعانته هو على الحرام، ولو كان في ذلك إعانة له على الحرام، فهي غير مقصودة.

وقد بينا في الفتوى رقم: 238324 ماهية الإعانة على الإثم، وبمراجعتها تعلم -إن شاء الله- حكم الكثير من الأمور التي تلتبس عليك بهذا الخصوص، ومنها أن إعانة العاصي على أمر لا علاقة له بالمعصية لا حرج فيها؛ فلو قدمت له الطعام ليأكل، أو الشراب ليشرب، أو نحو ذلك مما لا علاقة له بمعصيته، فلست بذلك معينا له عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى