حكم إشهار أمر السارق إذا كان من الأقارب

0 152

السؤال

نحن عدة إخوة من إحدى القرى، نعيش جميعا في بيت واحد، كل في شقته، وبعد وفاة أبي وزعت الأراضي الزراعية، وغيرها من الميراث علينا - والحمد لله-ومرت الأيام، وإذا بي أفاجأ بأن أشياء بدأت تسرق من شقتي، كأموال، ومتعلقات شخصية، وغير ذلك؛ حتى كدت أجن: من يفعل ذلك؟ وفي إحدى المرات، انتظرت في الشقة إلى أن أمسكت الفاعل، فإذا به ابن أحد أشقائي، وأخذته، وذهبت لأبيه لأعاتبه على تصرف ابنه، واعتذر لي، وانتهى الأمر، إلا أن الأمر عاد مرة أخرى، وبشكل أكبر، فإذا بأغراض ثقيلة تسرق من عندي، لا يستطيع ذلك الطفل أن يحملها، ومع تيقني الشديد أن أخي هو من فعل ذلك، وقد جمعت إخوتي لمناقشة ذلك الأمر، فغالبيتهم نصحوني بالصبر، ومنهم من قال: إن علي أن آخذ حقي بيدي، فأقوم بضرب الفاعل إن كشفته، وأقوم بتشهيره بين الناس حتى يرتدع عن ذلك؛ لأن معنى ما فعله سابقا هو عدم احترامي، وهواني عنده، فما رأي الدين في ذلك: هل أصبر، أم أردعه بكل الوسائل الممكنة، سواء بالضرب، أم المواجهة، وما قد يترتب عليها؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز اتهام أحد من دون بينة، والأصل في المسلم السلامة، والظنون خداعة، وقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم {الحجرات:12}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه. رواه مسلم.

 والتهمة من غير بينة، سلب في العرض.

 قال ابن قرقول في (مطالع الأنوار): العرض: كل ما ذكر به الرجل من نقص في أحواله، ونفسه، وسلفه. اهـ.

وقال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): العرض: هو موضع المدح، والذم من الإنسان، وما يحصل له بذكره بالجميل مدح، وبذكره بالقبيح قدح. اهـ.

فإن كان عندك بينة مقبولة، على أن أخاك هو من قام بسرقة هذه الأشياء الثقيلة، فلك أن تواجهه بذلك، وتنصحه، وتذكره بالله تعالى، وتنهاه عن هذا المنكر، فإن قبل النصيحة وانتهى عن هذا المنكر، فالحمد لله، وإلا فتهدده بإشهار أمر سرقته، واستعن عليه بمن يزجره من ذويه ومعارفه، فإن لم يردعه ذلك، فلك أن ترفع أمره إلى السلطان، أو الجهات المختصة لينزلوا به العقوبة الرادعة.

وأما أن تقوم أنت بضربه، أو معاقبته، فلا؛ لأن ذلك ليس إلى آحاد الناس، بل هو إلى السلطان ونوابه؛ كيلا يكون الأمر فوضى، وتحصل مفاسد أكبر وأكثر.

وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 80014، 150887، 62086، 38836.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة