السؤال
إذا أراد شخص وضع دفتر به آيات وأحاديث على طاولة وكان على المكان الذي أراد وضعه فيه شيء يسير جدا من التراب وفتات الطعام فنحى هذا التراب والفتات بالدفتر نفسه ثم وضع الدفتر على المكان، فهل فعله هذا يعتبر إهانة للقرآن؟ وهل هو كبيرة من الكبائر؟ وكيف يتأكد من أنه لم يفعل ذلك استخفافا بالقرآن؟ وإن كان هذا الشخص مصابا بالوسواس وبلغ به الأمر أن يشك في كثير من أفعاله حتى أنه صار من كثرة الشك لا يتوقف مباشرة عن الفعل الذي يشك أن فيه استخفافا بالقرآن (مثلا) فيتمادى فيه قليلا ليقنع نفسه أنه لم يفعله استخفافا، فما حكم هذا التمادي؟ و هل يعد هذا التمادي في نفسه إثما؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان الموسوس يتعين عليه الإعراض عن الوسوسة والسعي في التغلب عليها، وعدم البحث عن كونه فعل ذلك استخفافا أم لا.
وقد ذكرنا بعض وسائل التغلب على الوساوس في الفتويين التالية أرقامهما: 51601، 3086.
وقد بينا بالفتوى رقم : 271951 أن وضع المصحف على طاولة عليها غبار لا يعد امتهانا للمصحف، ولا يطالب الشخص بإزالة كل غبار موجود في المكان الذي يضع عليه المصحف لما في ذلك من المشقة الشديدة، ولو فعل الشخص ذلك تعظيما للمصحف وإكراما له فهو حسن، قال تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب {الحج:32}، اهـ
وقد اختلف أهل العلم في وضع المصحف على الأرض مباشرة؛ فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز، وجاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك لعليش قال الفقهاء: وضع المصحف على الأرض الطاهرة استخفافا به ردة، فعلم منه أن وضعه عليها بلا استخفاف ممنوع.
وجاء في حاشية البجيرمي على الخطيب في الفقه الشافعي: ويحرم وضع المصحف على الأرض, بل لا بد من رفعه عرفا ولو قليلا.
وذهب بعضهم إلى جواز وضعه على الأرض الطاهرة، كما جاء في فتاوى محمد بن إبراهيم آل الشيخ قال: وأما وضع المصحف على الأرض فيظهر فيه عدم التحريم، بل ولا الكراهة فيه، ولعل رفعه أولى؛ لأنه في كمال إكرامه واحترامه.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ: وضعه على محل مرتفع أفضل مثل الكرسي أو الرف في الجدار ونحو ذلك مما يكون مرفوعا به عن الأرض، وإن وضعه على الأرض للحاجة لا لقصد الامتهان على أرض طاهرة بسبب الحاجة لذلك ككونه يصلي وليس عنده محل مرتفع أو أراد السجود للتلاوة فلا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا أعلم بأسا في ذلك، لكنه إذا وضعه على كرسي أو على وسادة ونحو ذلك أو في رف كان ذلك أحوط، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم عندما طلب التوراة لمراجعتها بسبب إنكار اليهود حد الرجم طلب التوراة وطلب كرسيا ووضعت التوراة عليه، وأمر من يراجع التوراة حتى وجدوا الآية الدالة على الرجم وعلى كذب اليهود، فإذا كانت التوراة يشرع وضعها على كرسي لما فيها من كلام الله سبحانه فالقرآن أولى بأن يوضع على الكرسي لأنه أفضل من التوراة، والخلاصة: أن وضع القرآن على محل مرتفع ككرسي، أو بشت مجموع ملفوف يوضع فوقه، أو رف في جدار أو فرجة هو الأولى والذي ينبغي، وفيه رفع للقرآن وتعظيم له واحترام لكلام الله، ولا نعلم دليلا يمنع من وضع القرآن فوق الأرض الطاهرة الطيبة عند الحاجة لذلك. اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: وأما وضع المصحف على الأرض الطاهرة الطيبة، فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه؛ لأن هذا ليس فيه امتهان للقرآن، ولا إهانة له، وهو يقع كثيرا من الناس إذا كان يصلي ويقرأ من المصحف وأراد السجود يضعه بين يديه، فهذا لا يعد امتهانا, ولا إهانة للمصحف فلا بأس به، والله أعلم.
واما استخدام الدفتر في تنظيف الغبار فلا يجوز لمنافاته الأدب مع ما فيه من القرآن والحديث؛ ولكنه لا يحصل به الكفر إن لم يقصد الامتهان
والله أعلم.