السؤال
شخص سألني وأحلت سؤاله إليكم، رجل متزوج، له طفلان، يعيش في أوروبا، أصله من دولة إسلامية فيها مشاكل سياسية، انتهت صلاحية جوازه، لا يستطيع تجديده في أوروبا، ولا يستطيع السفر إلى بلاده، وزوجته كانت مريضة، ولا زالت، وهي غير موجودة معه، ومرضها قد لا يشفى، إلا إذا أراد الله، وأبو زوجته، وأخوها يطلبان منه الطلاق، بحجة أن لا يتركها معلقة، وأبوه يطلب منه أن يطلب الطلاق منها، ويقول له: غير عتبة دارك؛ لأن أباه إمام وخطيب جمعة، لكن الزوجة أرسلت له رسالة تطلب منه أن لا يطلقها؛ لأن الطلاق في عرف بلدها شيء مهين، وتقول له: يجب أن تكون بجانبي في هذا الابتلاء، وأقل شيء اتركني أعيش على أمل أن أشفى، وأن يصلح حال بلدنا، وأحصل على تأشيرة، وأزور أبنائي، أو تحصل أنت على جواز وتزورني؛ لأرى أبنائي، وهو الآن لا يدري ما يفعل، أرشدوه -رحمكم الله-، وأرجو أن لا تحيلوه إلى رابط آخر، وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يفرج عن هذا الرجل همه، ويفرج كربه، ويشفي زوجته، ويجمع شمل أسرته، إن ربنا على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير.
ولا يلزم هذا الرجل أن يطيع أباه في أمره إياه بطلاق زوجته، فلا يظهر لنا من خلال ما ذكر أن هنالك ما يسوغ له أمره بطلاقها، فلا تجب الطاعة والحالة هذه؛ لأن الطاعة تجب في المعروف، وليس هذا من المعروف، روى البخاري، ومسلم عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل متزوج، ووالدته تكره الزوجة، وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها؟
فأجاب: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه، بل عليه أن يبر أمه، وليس تطليق زوجته من بر أمه. اهـ.
ولا يطلقها أيضا لأمر أبيها، وأخيها له بطلاقها، خاصة وأن المرأة قد ارتضت الصبر عليه، ولكننا نوصيه بأن يجتهد في البحث عن سبيل لأن يضم إليه أسرته، بأن يستقدم زوجته، ونحو ذلك.
وعليه أن يكثر من دعاء الله تعالى، وسؤاله التيسير، فإن الله عز وجل قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}، وهو سبحانه لا يخلف وعده، كما قال: وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون {الروم:6}.
والله أعلم.