السؤال
سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء، ما معنى الحديث؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم: مر بسعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف يا سعد؟ قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جار.
والسرف هو: تجاوز الحد في الشيء والغلو فيه، والحديث وإن كان ضعيفا لكن أهل العلم أجمعوا على النهي عن الإسراف في الماء، قال النووي في شرح مسلم: وأجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر.
وقال ابن أبي زيد القيرواني: والسرف منه (الماء) غلو وبدعة...
والسرف في الماء يكون بالزيادة على ثلاث غرفات، وبالمبالغة في الغسل، والزيادة على الحاجة حتى يكون كالموسوس.
وأما الاعتداء في الدعاء فهو مجاوزة الحد فيه: قيل: الدعاء بما لا يجوز شرعا أو عادة، وقيل: رفع الصوت به والصياح لأن الله تعالى يقول: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين [الأعراف:55]، وقيل: سؤال منازل الأنبياء، وقيل: هو التكلف في السجع.
والمعنى يشمل هذا كله وما أشبهه، فقد روى أبو داود عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء.
وفي المسند أن سعدا سمع ابنا له وهو يدعو ويقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوا من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها.. فقال: لقد سألت الله خيرا كثيرا، وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء، وقرأ هذه الآية: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين وإن حسبك أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
والحاصل أن الدعاء أساس العبادة، وأن الطهور شطر الإيمان، ولكن هذا الدين جاء بالتوازن والاعتدال الذي لا غلو فيه ولا تقصير.
والله أعلم.