السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهجزاكم الله خيرا لجهدكم المبذول في تقريب الإسلام لكل إنسان.سؤالي هو: كيف أتأثر بالقرآن؟ أو ما هي الطريقة التي تجعل قلبي لينا؟ لأني أعاني من قساوة القلب فلا أتأثر بالموت ولا بزيارة المقابر ولا بسماع القرآن الكريم.أفيدوني أفادكم الله وجزاكم عني كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلحصول التأثر بالقرآن أسباب ينبغي الأخذ بها، وأمور ينبغي التخلي عنها، أما الأسباب الإيجابية فهي:
1- أن يكون القارئ على وضوء، جالسا جلسة أدب وسكون، مستقبلا القبلة، مطرقا رأسه غير جالس على هيئة المتكبر.
2- أن يقرأ الورد الذي يتمكن معه من فهم المعاني والوقوف عندها، ولا يكثر على نفسه، وأولى تقدير في ذلك ما وردت به السنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط، وروى البيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لأن أقرأ سورة البقرة فأرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله هذرمة.
3- ترتيل القراءة، لأن المقصود من القراءة التفكر والتدبر، لا مجرد خروج الحروف والأصوات، كما أن الترتيل أقرب إلى توقير القرآن واحترامه، ومع هذا فالترتيل في حقه مستحب أيضا، وفي حديث أم سلمة أنها لما سئلت عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ...... قراءة مفسرة حرفا حرفا. رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب.
4- البكاء عند سماع القرآن أو تلاوته، فإن لم يحضره البكاء تباكى، ففي الحديث: اقرؤوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا. رواه الترمذي وغيره، وقال العراقي في تخريج الإحياء: إسناده جيد، وفي الحديث الآخر: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. رواه البخاري.
5- أن يراعي حق الآيات، فإذا مر بآية سجدة سجد، وإذا مر بآية عذاب استعاذ، أو آية رحمة سأل الله من فضله.
6- أن يجهر بقراءته، وأقل حد الجهر أن يسمع نفسه، ففي صحيح البخاري: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. وزاد غيره: يجهر به. ، ولأن الجهر بالقرآن سبب من أسباب الانتفاع به، ورد الحث عليه، ففي مسند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة. وصححه الألباني.
7- أن يحسن القراءة ويرددها بصوت حسن، ففي الحديث: زينوا القرآن بأصواتكم. وصححه الألباني، وقد استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى قراءة سالم مولى أبي حذيفة، فلما أعجبه صوته قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا. رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى لما رأى حسن صوته: لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود. رواه البخاري.
8- تعظيم المتكلم بالقرآن وهو الله سبحانه وتعالى، فإن تعظيم الكلام يؤدي إلى الخشوع عند سماعه وتلاوته، وتعظيم الكلام يأتي من تعظيم المتكلم سبحانه، ولذلك كان عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه إذا نشر المصحف غشي عليه ويقول: هو كلام ربي، هو كلام ربي.
9- حضور القلب وترك حديث النفس، فقد قال الله تعالى: يا يحيى خذ الكتاب بقوة [مريم:12]، أي بجد واجتهاد، وأخذه بالجد أن يكون متجردا له عند قراءته منصرف الهمة إليه عن غيره.
وأما ما ينبغي أن يتخلى عنه القارئ ليحصل له التأثر المطلوب فهو:
1- أن لا ينصرف نحو تحقيق الحروف وإقامتها، ويترك المقصود الأعظم وهو الفهم والتدبر، وهذا لا يعني أن إقامة الحروف غير مطلوبة، بل هو واجب على ما ذهب إليه علماء التجويد، لا لذاته، بل لتحقيق الاتباع وفهم المقروء.
2- عدم الإصرار على الذنوب والمعاصي، فإنها أعظم حجابا بين فهم كلام الله تعالى وبين قلب العبد، قال الغزالي رحمه الله: وكلما كانت الشهوات أشد تراكما، كانت معاني الكلام أشد احتجابا، وكلما خف عن القلب أثقال الدنيا، قرب تجلي المعنى فيه، فالقلب مثل المرآة، والرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل تصقيل الجلاء للمرآة. انتهى.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18761، 10262، 8523.
والله أعلم.