السؤال
ما حكم الغيلة -أثابكم الله-؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان مرادك بالغيلة أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، أو ترضع المرأة وهي حامل؛ فإنه لا حرج في ذلك؛ لما في الحديث الذي روته جدامة بنت وهب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن فارس والروم يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم". رواه مسلم. قال النووي في شرح مسلم: وقال ابن السكيت: هو أن ترضع المرأة وهي حامل، يقال منه: غالت وأغيلت. قال العلماء: سبب همه صلى الله عليه وسلم بالنهي عنها، أنه يخاف من ضرر الولد الرضيع، قالوا: والأطباء يقولون: إن ذلك اللبن داء، والعرب تكرهه وتتقيه. وفي الحديث جواز الغيلة؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها، وبين سبب ترك النهي. انتهى.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: فلا يضر أولادهم ذلك شيئا يعني: لو كان الجماع حال الرضاع أو الإرضاع حال الحمل مضرا لضر أولاد الروم وفارس، لأنهم يصنعون ذلك مع كثرة الأطباء فيهم، فلو كان مضرا لمنعوهم منه، فحينئذ لا أنهى عنه. قال عياض: ففيه جوازه إذ لم ينه عنه، لأنه رأى الجمهور لا يضره وإن أضر بالقليل، لأن الماء يكثر اللبن وقد يغيره، والأطباء يقولون في ذلك اللبن إنه داء والعرب تتقيه، ولأنه قد يكون عنه حمل ولا يعرف فيرجع إلى إرضاع الحامل المتفق على مضرته، وأخذ الجواز أيضا من حديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم: أن رجلا قال: إني أعزل عن امرأتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تفعل ذلك؟ فقال: أشفق على ولدها أو على أولادها. فقال: لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم. وقال الباجي: لعل الغيلة إنما تضر في النادر، فلذا لم ينه عنها رفقا بالناس للمشقة على من له زوجة واحدة ... اهـ.
وراجع للفائدة فتوانا رقم: 25981 بعنوان: إرضاع الحامل لولدها جائز شرعا غير ممنوع طبا.
والله أعلم.