السؤال
عزمت على ألا أعود لمعصية معينة، وإذا غلبتني نفسي وعدت لها فإن علي صيام 9 أيام، وقد عدت لهذه المعصية مرارا، وصمت أياما، وتبقى لي 123 يوما. لم أكن أعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النذر، ولكنني ماض في صومي، وآمل أن يزيدني الله إيمانا وتقوى، وألا أعود لهذه المعصية أبدا بعد صيام هذه الأيام.
سؤالي الأول هو: هل يجب علي صوم هذه الأيام أم أنه يوجد حل آخر؟ مع العلم بأني قادر على الصوم.
سؤالي الثاني هو: هل يجب علي أن أصوم تسعة أيام كلما اقترفت هذه المعصية ما حييت؟ أنا عازم بعون الله على التوبة النصوح، وعدم العودة أبدا، ولكن أريد معرفة الحكم الشرعي.
سؤالي الثالث هو: في حال أن شخصا عليه نذر صيام عشرة أيام، ولم يصمها حتى جاء رمضان، فهل عليه أن يصومها بعد رمضان فقط أم ماذا؟
وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فاعلم أولا أن مجرد العزم على الصيام إن وقعت في المعصية هذا في ذاته لا يعتبر نذرا؛ لأن النذر لا ينعقد إلا بلفظ، ويكون اللفظ دالا على الالتزام؛ كـقوله: لله علي كذا. أو: علي نذر كذا. وأما مجرد العزم فلا ينعقد به النذر؛ جاء في الموسوعة الفقهية: اعتبر الفقهاء في صيغة النذر أن تكون باللفظ ممن يتأتى منهم التعبير به، وأن يكون هذا اللفظ مشعرا بالالتزام بالمنذور ... اهـ.
ولا يشترط في الصيغة أن تكون بلفظ "النذر"، بل ينعقد بكل لفظ يشعر بالالتزام في قول جمهور أهل العلم؛ جاء في الموسوعة الفقهية: وإنما الخلاف بينهم في صيغة النذر إذا خلت من لفظ (النذر) كمن قال: لله علي كذا، ولم يقل: نذرا، وعما إذا كان ينعقد نذره بهذه الصيغة ويلزمه ما نذر أم لا؟ على اتجاهين:
الاتجاه الأول: يرى أصحابه أن النذر ينعقد، ويلزم الناذر وإن لم يصرح في صيغته بلفظ النذر، إذا أتى بصيغة تفيد التزامه بذلك، روي هذا عن ابن عمر -رضي الله عنهما- إذ قال في رجل قال: علي المشي إلى الكعبة لله. هذا نذر؛ فليمش. وقال بمثل قوله سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، ويزيد بن إبراهيم التيمي، وإليه ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وحكاه ابن قدامة عن جماعة من العلماء ...
الاتجاه الثاني: يرى من ذهب إليه أن النذر لا ينعقد إلا إذا صرح في صيغته بلفظ النذر، وهو قول آخر لسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد ... اهـ. مختصرا.
إذا تبين هذا؛ فانظر فيما عزمت عليه هل تلفظت بصيغة تفيد النذر أم لا؟ فإن لم تتلفظ بما يفيد النذر لم يلزمك الصيام، وإن تلفظت بما يفيد النذر، فإن نذرك هذا يعتبر نذر لجاج، وأنت مخير فيه بين أن تصوم الأيام التي نذرتها وبين أن تكفر كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 309820 عمن نذر نذرا يقصد به منع نفسه من شيء هل يلزمه الوفاء به؟
ونوصيك أخي السائل بتقوى الله تعالى، والبعد عن معصية الله تعالى؛ فإنها شر ووبال على أصحابها في الدنيا والآخرة.
والله تعالى أعلم.